أتناقض مع نفسي، ليس لأني لا أدِلّ طريقي، لكن لاعتقادي أن مع هذه العجلة والتّسارع الحثيث للحياة، أفكّر أنه لرُبّما كان هناك طريق آخر مختصر جديد ، يختصر لي وقتي وجهدي، قد تم استحداثه وأنا أجهله. وكذلك الاطلاع ،والأفكار ،وحدود المعرفة.
ما أعرفه وأسمعه وأنا مؤمن به تماما، أن الإسلام والقرآن صالح لكل زمان ومكان.
فكما أنزله الله على رسوله، في فترات النزول، التي استمرت تقريباً ثلاثة وعشرين عاماً، في كل من مكة والمدينة
اتسمت فترة نزول السور والآيات في مكة، على توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام والحث على مكارم الأخلاق.
أما في فترات النزول بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فقد اتسمت بتفاصيل الدين والعبادات والتشريع وتأسيس الدولة المدنية.
إذا العبرة هنا بتبدل وتغيّر حالة المجتمع، من مشرك إلى موحد ومن قليل إلى كثير، ومن لا دولة إلى دولة ومن ضعف إلى قوة، ومن مكان ضيق (مكة)قومية واحدة (قريش)، إلى مجتمع المدينة المتعدد القوميات والأديان والأجناس ثم إلى الناس كافة.
نتأمل جيداََ، تغير المكان والزمان، وتغير الخطاب، والدعوة وسن التشريعات، وتفاصيل العبادات وطريقة الحكم والأحكام، وإقامة الحدود الشرعية، ونشر الدعوة وتوسيع الدولة وسن الجهاد على من يحارب ويعادي ويعتدي(فقط وتحت كلمة فقط نضع خطين حيث إن ما سمي بالفتوحات الإسلامية أتحفظ عليه وفيه وجهة نظر أخرى).
تغير كل شيء والوحي ينزل لتوجيه الرسول وبأمر من الله، وينقطع ثم يعود لنبيه هاديا ومرشدا ، ويستمر الإسلام منتشراََ بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وتستمر حالة المعرفة في الازدياد ،مع زيادة توسع للدولة الإسلامية.
تغيير مستمر وتطور مستمر، في الزمان والمكان والعقول والأفئدة والفهم، بإرادة الله ومشيئته إلى أن تقوم الساعه،فلابد أن يكون التغيير جزءا من إيماننا والتنوع جزءا من إيماننا والتطوير جزءا من إيماننا أيضاً،وبهذه الإيمانيات والمسلمات تتواجد وتتولد المعارف في كل المجالات والاتجاهات، لأن الجمود لا يولد شيئاً،كما أن الرجوع للخلف ،والتوقف عند نشء الدولة الإسلامية ،في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ،كما يحلوا للبعض ان يرددوا ذلك وينادون به دون وعي منهم ،بإستعادة ذلك النموذج وتطبيقه،لأن في نظرهم ،يرون إنها هي الدوله المثالية والنموذجية ،الصالحة الواجب تطبيقها، ونسوا وتناسوا أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، بعد فهمهم الحق للرسالة، تطورت المعرفة لديهم وتزايدت، فأقاموا الدواوين وسنوا التشريعات،بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أوقف إقامة الحدود عام الجوع.
القرآن الكريم كان ولا يزال وسيظل كفيل بتفجير المعرفة، بشكل مطلق ولا نهائي لأنه كلام الله، الذي ليس قبله ولا بعده كلام .
التعبير المجازي اللامُتناهي، الذّي كان في النّص القرآني، لتحويل التاريخ والوقائع والأحداث المحدودية الزّمان والمكان، إلى تعبيرات مجازية غير محدودة ،هي التي جعلت منه نصاً متعالياً بشكل مُطلق ،يتخطّى كُل الأزمنة وكُل مكان، بل وكل المعارف .
من هُنا نجد إنبثاق المعرفة، بشكل لاحدود له ،ليس للوعي واللّغة ،ومجتمع مكة والمدينة فحسب، لكن للبشرية بشكل عام .
ومن هنا أيضا نجد أن تفسير القرآن الكريم الحرفي، ينقصه ولا يزيده ،وكذلك حصر آياته واختزالها في أسباب النزول وبروايات معظمها غير صحيح،إنه تحجيم وتحجير لكلام الله.
وللموضوع بقية.
1 comment
1 ping
ابو خالد
01/09/2019 at 6:09 م[3] Link to this comment
حقيقة وبدون مجاملة هذا الكاتب يدهشنا في كل مقال يهديه لنا
بغض النظر عن سعة معرفته وثقافته
تجد لديه كمية تأمل للتاريخ وأحداثه
ويبهرنا في تحليل الواقع كيف ولماذا وصلنا واصبحنا عليه
وهناك ربط ممتمع ومثري ومدهش للموضوع من من بداية تناوله للعنوان حتى منتهاه
أنا مؤمن بأن موضوعه سيشعل الجدل والإختلاف بين المؤيدين لما يؤمن به (التنويريين) وبين المعارضين (الظلاميين)
شكرا جدا أستاذ عبدالرحمن