إن من فضل الله تعالى وجوده وكرمه علي أن عشت طالبا في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة قرابة عشر سنوات ، سنوات قضيتها مع أقراني ، الذين هم الآن يقودون بلدانهم من رؤساء ووزراء وسفراء وقضاة ، كلهم دعاة خير وإصلاح .
فليس الأمر قاصرا على الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، لكنها في جميع جامعات المملكة العربية السعودية التي فتحت أبوابها لأبناء العالم لينهلوا من ينابيعها الصافية .
والسعودية هي الدولة التي تستقبل عددا كثيرا من الطلبة حيث ٤٠% أجانب للدراسة مجانا.
إن المملكة العربية السعودية التي اهتمت برسالة التعليم منذ المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله- سعت جاهدة لخدمة المؤسسة التعليمية بكافة التخصصات لما يجعلها ترتقي إلى أعلى المقامات ، فاستطاعت - بفضل الله - أن تحقق نجاحا ملحوظا في ذلك.
وما دامت هي رائدة التضامن الإسلامي ، لمسؤوليتها على خدمة الحرمين الشريفين فسياستها التعليمية قائمة على أن تكون على المنهج الإسلامي الصحيح بعيدة عن الغلو والتكفير .
فهذا الأمر دائما نجده من خلال المناهج التعليمية ، وكذلك المنابر الإعلامية ، وصولا إلى المؤتمرات والندوات .
فبعد ماظهرت فتنة ماتسمى بالربيع العربي ، التي أجج نارها دعاة التكفير والتضليل ، حملة الأنانية ، قساة القلوب ، تدهورت أوضاع العالم بعد ماكان العالم يعيش في استقرار واطمئنان .
فأصحاب حملة الربيع ، وهي ليست حملة ربيع إنما حملة تدمير وتخريب ، هدفهم الأساسي زعزعة أمن الحرمين بالدعايات الكاذبة ، والمزاعم الباطلة ، تارة باتخاذ قضية القدس الشريف ذريعة لإشباع نفوسهم المقيتة ، وتارة قضية الحوثين في اليمن بالتباكي على الشعب اليمني الجريح.
كل ذلك كذب وزور ، لأن المملكة العربية السعودية منذ بداية الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين لم تزل تدعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية والتنديد لمايتعرض له الشعب الفلسطيني من الإعتداءات الإسرائلية ، وتبنت موقفها: على أن الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير مصيره وإعلان دولته المستقلة على تراب وطنه والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين .
والمملكة جعلت من ميزانيتها السنوية جزاء رسميا للشعب الفلسطيني ، فكيف نننسى ذلك كله بأصحاب الأقلام المستأجرة ، والفضائيات الساقطة ؟
وفي اليمن : لم ينظر المبغضون للسعودية جرائم الحوثين التي ارتكبوها ضد الشعب اليمني وصولا إلى مدن المملكة بضربها بالصواريخ ذات الصنع الإيراني ، ولكنهم ينظرون إلى التحالف العربي الإسلامي الذي تقوده السعودية في اليمن ضد الحوثين لنصرة الشعب اليمني المتضرر من الحوثين المدعومين من إيران ، وكذلك الدفاع عن نفسها جراء الصواريخ التي تسقط على المدن السعودية ومطاراتها من قبل الحوثين .
ومما يضحك اليوم أن وسائل الإعلام التي يملكها دعاة الفتنة والضلال لن تجد ماتنشره نحو المملكة العربية السعودية من الخير الذي تقوم به نحو خدمة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في اعظم شعيرة جمعتهم في رحاب بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة ، لكنها روجت قضية تافهة سخيفة ، لن تغير الأجواء الصافية ، ولن تزلزل الأقدام الثابتة .
وهي قضية : أن معالي الوزير الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله- أثناء ترؤسه وفد المملكة العربية السعودية في افتتاح جامع ( فخر المسلمين ) بالشيشان ، في كلمته قرأقول الله تعالى ( إنما يعمر مساجد الله ...) بتشديد الميم، فالشغل الشاغل عند المبغضين هذا الموقف ، وأنا في اعتقادي وحسن ظني لمعالي الوزير ضيق الوقت والإرهاقات التي يتعرض لها ولاسيما في موسم الحج فلم ينته الموسم وكلف بمهمة فوقعت زلة لسان، ولربما قلبه غامر بالفرح في بلد أخذته الحروب فترة زمنية طويلة واليوم يشهد هذا الفتح العظيم ، وقد يحدث هذا عند الكثير منا ، فلماذا لانحسن الظن بمعاليه ؟
إذاكنا طلابا تتطاول ألسنتنا على العلماء العاملين إذا أخطأوا فأين أخطاؤنا ؟ .
هم أرادوا الصواب فأخطأوا ، ولكن العيب فيمن لاينظر إلى نفسه إنما ينظر إلى غيره .
إن الشيخ عبد اللطيف قبل أن يكون وزيرا عاش طالبا ملازما للعلماء ، ودرس دراسة منهجية أهلته ليصل إلى ما وصل إليه اليوم ، فدعاياتكم الباطلة ضده ، لن تجد آذانا صاغية ، لأن قلوبكم قاسية ، وألسنتكم كاذبة ،
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ).
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا