ظاهرة التطرف والإرهاب انتشارها اليوم نتيجة أمور كثيرة ، تلك الأمور معظمها تعود الى عدم اهتمام الدول عامة والمؤسسات والهيئات الدينية خاصة بالوقوف ضدها ومنع انتشارها بشتى الوسائل.
والعالم اليوم بأسره يعاني من الإرهاب والتطرف سواء الفكري أو العسكري ، وكلاهما يهددان الانسانية ، والكل يعيش خوفًا وقلقا بسببه.
إن المملكة العربية السعودية التي هي قبلتنا جميعا مهبط الوحي ومنبع الرسالة ومأوى أفئدتنا نظرت إلى قصية تبليغ رسالة الاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة نظرة حرص و اهتمام منذ الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود-رحمه الله- الى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين الامير محمد بن سلمان حفظهما الله .
جعلت المملكة العربية السعودية خدمتها للإسلام شرف لها ، فمن هنا كان أشرف لقب يحمله ملوك المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين ، وتشرفت المملكة بهذين المسجدين العظيمين في حياة المسلمين توسعة وصيانة وحماية على ممر العهود .
فلما كانت المملكة العربية السعودية تشعر بمسؤوليتها العظيمة في المحافظة على الاسلام والدعوة إليه جعلت جهودها في محاربة التطرف والارهاب ونشر الوسطية والاعتدال ، وذلك من خلال مؤسساتها التعليمية والثقافية والدينية والأمنية وفق رؤية واضحة بعيدة عن تطفل المتطفلين والذين لا يحملون الرواية والدراية في الحديث عن الإسلام وعرض سماحته ويسر أحكامه أمام الآخر .
واليوم مع رؤية ٢٠٣٠. لسمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان الإصلاحية الشاملة كانت الحاجة إلى تنقية الاجواء وتهذيب الامور في العمل الاسلامي ليكون عملا اسلاميا يقوم على نشر التسامح ومحاربة الارهاب والتطرف ، فتم القضاء على المفاهيم المغلوطة ، وتغيير المناهج التي تدعو الى الكراهية وعدم احترام الانسانية بكاملها ، إضافة إلى المؤلفات التي لم تحظ برقابة من أولي الامر شرعيا وقانونيًا.
ومادامت المملكة العربية السعودية هي حاملة لواء السلام دائما ، في داخلها هيئات ومؤسسات رسمية ، هي التي تعتمد عليها المملكة العربية السعودية في العمل الاسلامي في جميع الشؤون .
فكانت المقدمة من بين الجهات الرسمية وزارة الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد ، تلك الوزارة التي تم اسناد أمرها الى معالي وزبر الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد الدكتور الشيخ عبداللطيف بن عبدالعزيز ال الشيخ حفظه الله.
استطاع معاليه تحقيق تطور كبير على المستوى المحلي والدولي ، فالمستوى المحلي تنويع البرامج الدعوية في الوزارة من أبرزها توحيد موضوع خطبة الجمعة في المملكة العربية السعودية ، وذلك باختيار الخطباء الاكفاء الذين هم يحملون الرواية والدراية ويلتزمون بالحكمة والموعظة الحسنة.
وعلى المستوى الدولي نجد ان رحلاته في كثير من البلدان الاسلامية لتقريب الوزارة الى نظيراتها لتعمل معًا في خدمة الاسلام والمسلمين.
وياتي الامر الاهم وهي مسألة الافتاء وإصدار الاحكام الشرعية فكانت الجهة المختصة هي هيئة كبارالعلماء ، تلك الهيئة التي تضم نخبة كبيرة من العلماء الراسخين في العلم ، ويشتهرون بالورع والزهد ، فهم تحملوا مسؤولية عظيمة في تبيين الحقائق من الأحكام الشرعية القولية والعملية .
فهم دائما يدعون الى التيسير دون التعسير والوسطية والاعتدال دون التطرف والارهاب من خلال جلساتهم ودوراتهم المختلفة.
ففي دورتهم الثمانين التي عقدت بمدينة الرياض من ١٩ذي القعدة ١٤٣٥هـ،
نظرت الهيئة الى قضية الارهاب وصنفتها جريمة من أبشع الجرائم ، لأنها تستهدف الانسانية ،من الجناية على الانفس ، والممتلكات الخاصة والعامة ، وكسف المساكن والمدارس والمستشفيات والمصانع والجسور ونسف الطائرات أو خطفها والموارد العامة للدولة كأنابيب النفط والغاز ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعا .
ثم كذلك المؤسسات التعليمية السعودية ليست بعيدة عن الحرب على التطرف والارهاب ، فجامعات المملكة العربية السعودية تولي اهتماما كبيرا في هذا المجال ، فتنعقد المؤتمرات والندوات العلمية والدورات فيها للقضاء على الارهاب والتطرف.
لقد نظمت جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض في ١٩من صفر ١٤٣٩هـ مؤتمرا دوليا برعاية سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان -حفظهما الله-بعنوان ( جهود المملكة العربية السعودية في ترسيخ وتأصيل منهج أهل السنة والجماعة والدعوة اليه ودعم قضايا الامتين العربية والاسلامية )
وتناول المؤتمر جهود السعودية في مكافحة الارهاب والتطرف والغلو ودورها في حماية اهل السنة من المد الصفوي وخدمة الحرمين الشريفين وتطبيق الشريعة .
ثم تلت بعد ذلك الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة في ٦-٨ ديسمبر ٢٠٢٢ ، فنظمت مؤتمرا دوليا بعنوان ( المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب الالكتروني )
والهدف من المؤتمر بيان إبراز جهود المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة الارهاب الالكتروني ، والتعرف على الجهود الدولية المبذولة في مكافحته ، وكذلك المقصود بمصطلحه ، وإبراز خطورته ، وبيان أنواعه ، والتعرف على الصور المستجدة له ، وتعزيز سبل الوقاية منه ، وتقديم تصور مقترح لمكافحته .
كل هذه الجهود سواء من الهيئات الشرعية او الوزارية او التعليمية في مكافحة الارهاب تؤكد لنا دور المملكة العربية السعودية في حربها على الارهاب والتطرف وعدم التساهل والتهاون في نشر رسالة الاسلام الا على المنابر الرسمية التي تعتمد عليها المملكة العربية السعودية.
بقلم الشيخ : نورالدين محمدطويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا