لم أكتب نصاً عاماً منذ وقت طويل ..
ربما لأني لا لشغف الكتابة أن يطغى مضمون الحديث ، أو ربما ينتابني شعورٌ أن ما أكتب لا يلامس الواقع أو أنه مجرد أنين .
أو ربما لا آذن للحنين أن يتخطى أعتاب قلبي ، لنزف حبر قلمي ، فيصبح مجرد حبر اسود لوّثَ صفحة بيضاء تسر الناضرين .
فقلت ماذا لو افترسني ذلك الانين واعادني الى الحنين .
كنت انوي كتابة نص طويل ممل لا يقرؤه السطحيون ، العابسون ، عشاق التأويل .
تعلمت أن أكتب نصا ببعض الجهد الذهني والروحي وتضيف إليه نفائس اللغة ومحفزات التذوق الفني والجمالي . ولا أجد له مجيب أو مستفيد .
لكن هذه حال الإنسان حتى لو كانت آيه في محكم التنزيل .
فهناك من يقرأ نصوصاً تحوز على إعجابه لأنه يلامس حالته ، حتى وإن لم يسبق له قبلا قراءة شيء من النثر أو الشعر أو الرواية يعجبه أو يجامل صاحب النص بأعجاب .
كما أن هناك من يزيح المعاني والفائدة ويبحث عن الحالة النفسية للكاتب
وهناك من يترك خلفه تعليق كبقعة زيت أو لطخة سذاجة تشوه نصاعة النص كبثرة في وجه مشرق .
لكن مع ذلك غلبني الحنين ، وها أنا اكتب حتى لا أصاب بوسوسة شيطان لعين .
أو اصبح في معية المستغنين ، لا الأغنياء الباذلين . (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )
فالإنسان ميال الى الطغيان ، وفق قانون علم الاجتماع وما سجل التاريخ ، أن الطغيان سببه الشعور بالاستغناء ، والإنسان بطبعه ميال للاستغناء لولا أن الحاجة تلجمه .
يظهر هذا الشعور بمجرد الحصول على ماتريد .
كمن حصل على بيت او سيارة او وظيفة .
هذا مااخشاه...
"أن أنجرف الى ذلك ، واكون بمعية أحدهم ليهش في وجوه الناس ويبش حتى إذا رزقه الله رزقا يستغني به عن الآخرين نبت له ريش وأخذ يفكر في الطيران حتى لا يمر بجوارهم.
والجميل في العبارة هو عودة الضمير في "رآه" على ذات الرائي نفسه. العبارة تشطر الفاعل شطرين: فاعل يرى ومفعول به تقع عليه الرؤية. أي أن يرى نفسه مستغنياَ. وكأنه ينظر إلى ذاته في المرآة.
وهكذا نفهم حكمة الخالق في أنه جعل الاجتماع الإنساني مبني على الحاجة المتبادلة بين الناس إلى الحد الذي لا يفني فيه الإنسان الوجود الإنساني بسبب طغيانه."
مااخشاه ..
أن يأتي ذلك اليوم الذي أخيب ظني بنفسي؛ فقد كانت فراستي نحو الأشياء والأمور والأشخاص مصدر هذه الثقة؛ وعليها بنيت توقعاتي وصِلاتي وأصدرت أحكامي .
فماذا لو أخطأت ذات حدس ؟!!
الأولى ترك مخالطة الناس حد التعمق في الصلة؛ ولا داع لجلب الانكسارات للقلب بحجة الصبر على الابتلاء؛ الأسلم أن تكون للناس ومع الناس بقدر حاجتك وحاجتهم دون أن تطغى عن الحد .
هذا ما اخشاه ...
حين يفقد المرء ثقته بنفسه ويحس بعجزه عن تحقيق اي إنجاز في حياته فانه يبحث عن شيء خارجي ليكرس حياته من أجله. قد يتجه نحو تقديس شخص او زعيم او حركة سياسية أو دين أو مذهب معين.
أو مبادئ معينه دنيوية ، ما أنزل الله بها من سلطان ، فيغلب الفرد مصلحته على مصلحة المجتمع ، دون مستند اجتماعي ، او ديني .
إن النجاح وحب الحياة وتحقيق الذات هي أساس تطور هذه المجتمعات وعلوها. وهي تؤمن ان مصلحة الفرد هي مصلحة المجتمع. فالمجتمع الناجح هو ذلك التجمع الضخم للأفراد الناجحين والواثقين من قدراتهم وتميزهم.
هذا ما اخشاه
أن اتخلى عن حلمي، وطموحي ، واصبح في زمرة الفاشلين ، والإمعًات الحمقى .
ما أخشاه ..
أن أكتب عن نفسي ، وتعظيم شأني ، وأسرف في مديح ذاتي ، واستعراض انجازاتي ، فيغلب الفخر الذاتي ، على الدرس من مقالاتي ، او عباراتي ، التي احفز بها نفسي ، واخاطب بها ذاتي ، لاستفيد انا أولاً من كلماتي ، وأعًدِل من تصرفاتي ، ومن ثم يستفيد الناس من حولي ، فأن ما اكتبه ليس تنظيراً ولا تأويلاً من هوى نفسي ، فهو من تجربتي ودورس من مشوار حياتي .
ما أخشاه ..
أن أفاضل الكراهية عن الحب ، لأن الناس لا تفهم لغة الحب ، أو أن لا اتعاطى الحب ولا اتعاطى الكراهية ، فاصبح أحادي المشاعر،
فالكراهية باهظة الثمن.!
ومع ذلك اقول لنفسي ولك إذا أردت أن يطيب عيشك فلا تتعمق بمعرفة كل من لاقيت يكفيك الجمال الظاهر القريب، ففي كل روح نقطة سوداء، يدفنها أحدنا بطبقة وآخر بطبقات!!
ما اخشاه ...
أن يقال يعيش في برج عاجي بعيداً عن معترك الحياة ، عن ميدان العمل ، عن مخالطة الناس ، وحالي عكس ذلك . أو ( ليس عليك هداهم ) لكن أيً كان ذلك العمل ستسمع من الناس الكثير ، لايهم ، المهم ان يكون عملك وقولك وفعلك لله ، تقيم فيه الدين ( أن اقيموا الدين ) ، اوصي نفسي واياكم بالعمل والجد والاخلاص وتقديم النية الحسنة ، وإن اساء من حولك ، فانت تمثل نفسك وستحاسب على عملك وقولك ونتائجهما .
ما اخشاه ... لا اخشاه
ربي اني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
تحياتي
عثمان عطا
1 comment
1 ping
المستشار / محمد علوان
19/03/2019 at 4:08 م[3] Link to this comment
بارك الله فيك ونفع بك