بدأ هوس الصحافة حين كنت طالبا في المرحلة الثانوية حيث كان لي محاولات بسيطة في كتابة المقالة وكان لمعلم اللغة العربية في ثانوية السروات أنذك الأثر الكبير في تشجيع طلابه وتحفيزهم في حصة التعبير على كتابة المقالة، الأمر الذي دفعني لكتابة مقالة قصيرة تحت عنوان الوطنية الحقة نشرتها في صفحة سوق عكاظ الصفحة الشهيرة التي كانت تستقطب المبتدئين بالفعل كانت محفزا لي في قادم الأيام وعند انتقالي لمدينة جدة مواصلا الدراسة في جامعة الملك عبدالعزيز قسم الجغرافيا زاد اهتمامي بالقراءة حيث تتوفر الكتب والصحف والمجلات بمكتبة الجامعة وتعتبر محطة مهمة في حياتي في تنمية الثروة اللغوية والزاد المعرفي، ولما كانت جدة وقتها صاخبة بالاهتمام الكروي خصوصا كرة القدم ليصل الحديث والتعليق عن مجريات المباريات في قاعة الدرس مالت بوصلة الاهتمام نحو الرياضة تشجيعا لنادي الاتحاد بتأثير عدد من أقاربي الساكنين في جدة وبدأت أكتب مقالة مختصرة تحت عنوان (بودي أن) وهي سلسلة غير منتظمة تُنشر عبر الملحق الرياضي بجريدة المدينة ووقتها كان المشرف عليها الأستاذ عبدالعزيز شرقي ، لم يتوقف نشاطي عند هذا الحد بل كنت في محاولات بسيطة أحلل المباريات بعد وقوعها مباشرة متعاطفا مع الاتحاد الذي كان وقتها متعثرا، وكانت القرية بجمالياتها وهدوئها ساكنة في وجداني مما دفعني لأن أكتب استطلاعا صحفيا نشرته صحيفة الندوة عام 1398 تحت عنوان رغدان وألحقته باستطلاعين إخرين أحدهما عن الزراعة في منطقة الباحة مع التركيز على مزايا رمان بيده والآخر عن قرية الحمران وكانت الأخيرة مشتركة مع الأستاذ محمد الحمراني رئيس تحري صحيفة البيرق حاليا وكانت الندوة متألقة برئاسة الأستاذ حامد مطاوع واستمريت في كتابة المقالة والتحليل الرياضي في الصفحة الرياضية بجريدة المدينة، وقتها كنت شغوفا بالأدب بشكل عام والقصة القصيرة بشكل خاص وشدني كثيرا القاص الراحل عبدالعزيز المشري الذي كان ينشر نتاجه القصصي في مجلتي اقرأ واليمامة وصحيفة اليوم وعثرت على مجموعته القصصية في مكتبة الجامعة (موت على الماء) ومع التنامي القرائي تشكلت لدي ثقافة لا بأس بها لتكون لي محاولة أولى قصة بعنوان ( أسماء الناجحين) نشرتها صحيفة الجزيرة لتعطيني دافعا أكبر ومما شجعني أكثر أن كان شقيقي الأكبر مهدي الكرت متميزا في كتابة القصة القصيرة وكتب قصصا أثناء دراسته في مركز الدراسات التكميلية في الطائف وتأثرت به وبالقاص والروائي الأستاذ عبدالعزيز مشري وعند عودتي لمنطقة الباحة من جديد تواصلت مع القسم الرياضي في صحيفة المدينة بنشر استطلاعات ولقاءات رياضية إلا أن هذا الميل الكروي فتر لكون الباحة وقتها لا تصل لمستوى جدة من حيث الزخم الرياضي لذا انعطفت إلى عشق سابق وهو الأدب خصوصا القصة القصيرة ومن حسن الحظ أن فتح النادي الأدبي في الباحة عام ليكون نافذة بهية استفدت من خلال حضوري ومشاركتي فعالياته المتنوعة لأحظى بثقة رئيس النادي الشيخ سعد المليص الذي رشحني عضوا في لجنة التأليف والنشر برئاسة الراحل الشاعر الأستاذ بلغيث عبدالله وتلك الثقة أثمنها للشيح سعد الذي يهدف إلى تشجيع المهتمين بالأدب من الشباب ليكونوا جنبا إلى جنب مع الضاربين بسهم وافر وبالفعل أسفر ذلك عن قيام اللجنة بإصدار عدد من الإصدارات أبرزها مجلة المنتدى لتند فيما بعد للجنة الإعلامية الذين واصلوا إصدارها بشيء من التغيير في إخراجها لتكون جاذبة بالألوان وكانت مغامرة وجدت القبول لدى الكثير من القراء ومن أبرز الأعداد مجلة صدرت تزامنا مع زيارة سمو ولي العهد لمنطقة الباحة . ولما كانت القصة القصيرة هي الهاجس الأهم والمساحة الأكبر في ذهني ووقتها كنت اشتغل في كتابة نصوص قصصية وصل عددها قرابة 20 قصة وسمتها بعنوان "فضة" وقدمتها للنادي الأدبي لتعرض على محكم وهو دكتور متخصص في اللغة العربية بكلية التربية بالباحة ليكتب عليها ملاحظة بأن الكاتب لم يستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية مما يؤكد بأن المجموعة مع الأسف لم تتجه إلى مسارها الصحيح في نوعية المحكمين ورغم قبول رئيس النادي طبعها إلا أنني صرفت النظر عن النادي لأطبعها بطريقتي الخاصة في مطابع دار العلم بمؤسسة المدينة لتكون أول نتاج أدبي ووجدت تلك المجموعة ترحيبا وقبولا من القراء والنقاد ومن بينهم الدكتور معجب العدواني والأستاذ صلاح معاطي والدكتور محمد أبو الفتوح وغيرهم وها أنا حاليا تواردت الخواطر في الجانب الأدبي علما بأن الصحافة كانت تجربتي الأولى إذ تجري في شراييني كمجرى الدم فعند وصولي لمنطقة الباحة بعهد حصولي على درجة البكالوريوس من قسم الجغرافيا بجامعة الملك عبدالعزيز كانت صحيفة المدينة هي الأكثر انتشارا في الباحة لوجود مكتب الصحيفة ومديره الأستاذ أحمد حامد المساعد ويسانده الإعلامي الأستاذ عبدالناصر الكرت وكانا يصدران صفحة أسبوعية تحت عنوان نسيم الباحة تهتم بشؤون المنطقة التنموية وأذكر أنني كتبت مقالا عن جرش وربطه بمدينة بلجرشي استنادا لكتاب صفة جزيرة العرب للهمداني وأثار هذا المقال حفيظة الأستاذ إبراهيم طالع الألمعي الذي كتب مقالا مفندا ومصححا لما رحت إليه لتستمر الطروحات بين الطرفين وكنت أهدف الوصول إلى الحقيقة ، بعدها فكرت لأن استقل في التعاون مع صحيفة أخرى لتكون صحيفة الرياض هي الخيار الأمثل لي لعدة اعتبارات لعدم وجود مراسل للصحيفة وكونها تأخذ السنام بين الصحف السعودية بوجود رئيس التحرير اللامع الأستاذ تركي السديري الذي رحب بتعاوني لأنقل أخبار المنطقة الرسمية وغير الرسمية بواسطة التلفون مستشعرا تأفف مستقبل الأخبار السوداني الجنسية بسبب ضغط الاتصالات من كافة مناطق المملكة ليكتفي باستقبال الأخبار الرسمية الهامة وواصلت إرسال الأخبار بواسطة التلفون ليسعفني مكتب الطائف وقتها كان مدير المكتب الأستاذ عبدالرؤوف عبدالجبار ليرسل لي جهاز فاكسملي وكان مدهشا بالفعل إذ لم يغد في خيالي الخبر المكتوب بخط يدي يصل في ذات اللحظة إلى الرياض هذه التقنية المذهلة خدمتني كثيرا من متاعب الاتصال أما التقارير فيتم إرسالها عن طريق البريد -إذ لا يوجد جهاز لإرسال الصور- لتنشر بعد عدة أسابيع وركزت على إظهار محاسن الجمال في منطقة الباحة بالتقاط الصور الملونة للجبال والغابات والحدائق والمنازل القديمة وقد أخبرني المذيع الأستاذ عبدالله الأفندي بأن أحد أصدقائه يقول بأنني عرفت الباحة من خلال جمعان الكرت وهي شهادة اعتز بها كون ساهمت كغيري في التعريف بالباحة كمنطقة سياحية متميزة بطبيعتها الآسرة ومناخها العليل وخصصت إحدى غرف منزلي كمكتب لصحيفة الرياض ب بمكافأة زهيدة عندها طلبت فتح مكتب لوجود مكاتب لصحف أخرى في الباحة لأمنح وعدا لم يتحقق . في إحدى إجازاتي قضيتها في جدة زرت صحيفة البلاد التي لمعت أثناء ترؤس تحريرها الإعلامي المتميز الأستاذ قينان الغامدي وحظيت بلقائه وبمدير التحرير الصحافي المتمكن منصور عثمان الزهراني الذي كنت اعرفه من خلال كتاباته الثقافية والسياسية . أثناء زيارتي للصحيفة كانت أشبه بخلية النحل تعاون وود وتآلف كان الجو الصاحفي رائعا جعلني انبهر من روح العمل هنأت قينان بقرب حلول عيد الفطر المبارك وهنأته بالروح العالية في الوسط الصحافي وقلت هذا انعكاس جميل عن القيادة البارعة وأضفت بأن العمل في صحيفة كالبلاد لعمل شاق ومبهج . انتهى الحديث وودعته لأجد اتصالا بعد عدة أيام من الزملاء في مكتب البلاد بالباحة بتهنئتي بترشيحي مديرا لمكتب البلاد بالباحة وأدركت بأن العبء الإعلامي سوف يلاحقني مع صحيفة لا تهدأ ومع قائد مثل قينان ومعه منصور عثمان لاستلم مكتب البلد في أوج ازدهارها لتتمكن في غضون أشهر قليلة زيادة عدد مبيعاتها وساعد على ذلك الجوائز التي كانت تمنح للفائزين بالمسابقة التي نظمتها وكانت فرصة لنا في مكتب الباحة استثمار هذا الحدث بإصدار صفحة أسبوعية تحت عنوان مرحبا هيل شاركنا الزملاء عبدالله الزهراني ومحمد عقيل وممدوح ريحان وإبراهيم العذلة ومحمد غرم الله ومحمد عبدالله الزهراني ونورة الغامدي ولحق بالفريق فيما بعد الدكتور جمعان عبدالكريم وعلي السعلي و محمد زربان وعلي الهيمطي وامتد الجمال إلى العقيق ليشارك الزملاء خالد عمير قبل حصوله على الدكتوراة ليصدر المكتب الكثير من الملاحق والتقارير والأخبار ،لانتقل فيما بعد إلى محطة أخرى صحيفة الوطن وكانت تجربة مثيرة مع قينان الغامدي الذي لا يهدأ أبدا وكانت الصحيفة تحرص على المواضيع التي تهم المواطن بسقف كبير من جرأة الطرح، ليشكل فريق عمل من بينهم إبراهيم العذلة وناصر الشدوي وجاء فيما بعد خالد ظهران ومحمد ناجم لالتحق بدورة الإشراف التربوي بمكة المكرمة تاركا استمرار العمل في صحيفة الوطن لأعود مرة أخرى لصحيفة البلاد ككاتب رأي أسبوعي كل يوم ثلاثاء استمرت زهاء 4 سنوات، بعدها اتجهت لصحيفة الشرق لأكتب في صفحة الرأي مقالة منتظمة لمدة أربع سنوات تنوعت المقالات بين الاجتماعية والثقافية والسياسية والعاطفية و في الوقت نفسة مقالات في عدد من الصحف الالكترونية كصحيفة سبق والباحة ومكة الالكترونية مع الاستمرار في الاهتمام بالقصة القصيرة لأصدر مجموعاتي عناق سطور سروية بوارق وميض الرماد ورواية أنين الجبل وكتاب على ضفاف وادي قوب.