قال مارشيلو دي سوزا، رئيس جمهورية البرتغال، إنه بالأساس أستاذ جامعي، ولذلك فإن وجوده في جامعة الأزهر التاريخية المليئة بالحضارة والفكر والثقافة يجعله يشعر كما لو كان في وطنه، مؤكدا أن الجامعة لا يقتصر دورها على التعليم بل يجب أن تعمل على تعزيز الحريات وتعدد الآراء.
وأضاف الرئيس البرتغالي أنه عمل، سواء خلال مسيرته الأكاديمية ثم كرئيس لجمهورية البرتغال، على نشر قيم حرية الاعتقاد والفكر، وسيظل يدافع عن هذه القيم، موضحًا أن دستور البرتغال ينص على احترام الحقوق الأساسية للمواطنين.
وأكد أنه يجب النظر لجميع المواطنين في أي دولة على قدم المساواة بغض النظر عن أديانهم ومعتقداتهم، كما يجب أن يقوم العيش داخل المجتمعات على الاحترام المتبادل، كما أنه من حق كل إنسان أن يؤمن بأن اعتقاده هو الأسلوب الصحيح في الدين وأن علاقته مع الله هي وفق ما حدده دينه، لكن هذا لا يعني أنه لا يؤمن بحرية الآخرين في اعتقادهم، فالمؤمن الحقيقي هو الذي يحترم اعتقاد الآخرين.
وبين رئيس البرتغال أن الاختلاف هو طبيعة في كل أشكال الحياة، فالجميع لديهم آراء مختلفة في الثقافة والاقتصاد والسياسة، وأيضًا هناك اختلاف في الدين والمعتقدات، ولا يجب أن يضطهد أي إنسان أو يهاجم بسبب معتقداته، فالله لا يمكن أن يرضى بالتعطش للدماء، بل على العكس فهو يطلب منا احترام الآخرين، لذا يجب أن نتحدث عن السلام لا الحرب، الحب وليس الكراهية، الأخوة وليست العداوة.
وأوضح أن تاريخ الإنسانية مليء بالأمثلة على مصادرة حرية الاعتقاد، وكانت البرتغال في الماضي نموذجَا على هذا التاريخ خلال فترة التوسع الاستعماري، حيث لم يكن يُسمح بوجود اختلاف في الاعتقاد، وتم فرض معتقدات بعينها على الجميع.
وشدد رئيس البرتغال على أننا يجب أن نكافح من أجل عالم أفضل وأن نتغلب على المشكلات التي تواجهنا، كما يجب على الشباب أن يصر على مكافحة التمييز والمطالبة بالمساواة بين الجميع، والتغلب على العقبات التي تقف أمام حرية الاعتقاد.
وأكد أن الإسلام جزء من البرتغال، وأن آراء بعض القادة الأوروبيين الذين لا يعتبرون الإسلام جزءا من أوروبا لا شك خاطئة، مبينًا أنه ليس هناك دولة أوروبية لا يوجد بها مسلمون، فالمسلمون أصبحوا جزءًا من أوروبا، وهذا ما جعل أوروبا قوية، داعيًا إلى التصدي للإسلاموفوبيا، والعمل من أجل السلام.
وعقب المحاضرة، أجاب الرئيس البرتغالي عن عدد من أسئلة الحضور، من بينها سواء حول مستقبل التعاون بين الأزهر الشريف ودولة البرتغال، حيث خاطب الرئيس البرتغالي طلاب وأساتذة الأزهر، قائلا: أنتم في دولة مهمة في المنطقة والعالم، وتواجهون المستقبل بتاريخ حضاري كبير، وقد جئت اليوم من أجل التعاون مع الأزهر الشريف، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الأزهر والجامعات والمؤسسات الثقافية البرتغالية، وذلك من أجل مستقبل أفضل للبلدين والشعبين المصري والبرتغالي.
وردا على سؤال آخر، أوضح الرئيس البرتغالي أن المسلمين كان لهم تأثير قوي في تاريخ بلاده، والآن لديهم حضورهم الفاعل ولهم مساجدهم المنتشرة في البرتغال، فنحن مجتمع منفتح، ولدينا ثقافة متنوعة في الاقتصاد والأديان والسياسة.
وكشف أنه عندما تولى رئاسة البرتغال، قرر تنظيم احتفال داخل مسجد في حضور ممثلي 18 كنيسة، رغم أنه كاثوليكي مثل معظم البرتغاليين، للتأكيد على حرية الأديان والاعتقاد.
وأكد رئيس جمهورية البرتغال أن فضيلة الإمام الأكبر يجسد القادة المؤمنين بالسلام وحرية الأديان، فهو يدعو إلى المحبة وقبول الآخر، وهي قيم مهمة جدًا، ويجب أن تسود كل أنحاء العالم، فالإنسانية تعاني من انتشار الحروب التي راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والشباب.
ووجه الرئيس البرتغالي شكره إلى فضيلة الإمام الأكبر على جهوده في نشر السلام وعلى زيارته المهمة إلى بلاده، مبينًا أن البرتغال سوف تمنح فضيلته وساما تقديرًا لجهوده في نشر السلام ومواجهة التطرف الذي يتزايد في العديد من بلدان العالم.
وحول أسباب انضمام عدد من الشباب الأوروبي لتنظيم داعش، أشار الرئيس البرتغالي إلى أن التطرف هو نتاج لظروف اجتماعية واقتصادية، مثل الفقر واليأس، ويجب على الجميع معالجة هذه الأسباب للقضاء على التطرف وحماية الشباب من الانخداع بالجماعات المتطرفة، أما عند التغاضي عن هذه الأسباب فنحن نسمح بوجود بيئة خصبة للإرهاب.
وفي إجابته عن سؤال ، بخصوص موقف البرتغال من القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، قال رئيس البرتغال: إننا نرى ضرورة القبول بوجود دولة للفلسطينيين عاصمتها القدس، ولن نغير موقع سفارتنا، ولن ننقلها.