صحيفة الأنباء العربية تلتقي الدكتور أشرف بن محمد باداود المشرف العام على تحقيق رؤية 2030 بجامعة جدة والمشرف العام على التخطيط الإستراتيجي بالجامعة لتناقش معه أحد محاور منتدى الإدارة والأعمال التاسع للقيادات الشابة وإدارة التغيير ( نحو بيئة قيادية شبابية ومتجددة ) والذي تستضيفه مدينة جدة خلال الفترة 5 – 7 مارس 2018م الموافق 17 -19 جمادى الآخرة 1439هـ وهو المحور الثاني والذي يحمل عنوان ( التغير المؤسسيي في المنشآت الحكومية والأهلية ) .
أهلا وسهلا بسعادة الدكتور أشرف في صحيفة الأنباء العربية ( آن نيوز) .
تعلمون سعادتكم أهمية التغيير في حياتنا العامة والخاصة ولكن نحن هنا اليوم وقراء الصحيفة لكي نتعرف على وجهة نظركم الأكاديمية كونكم عضو تدريس بالجامعة وأيضا المشرف العام على تحقيق الرؤية وأيضا المشرف العام على التخطيط الاستراتيجي بالجامعة وسؤالنا الأول لسعادتكم حول ماهية التغيير المؤسسي ودوره في التنافسية والتنمية المستدامة؟
أهلا وسهلا بصحيفة الأنباء العربية وجميع القراء بالتأكيد الجميع يدرك أهمية التغيير وخصوصا في المؤسسات الحكومية والخاصة والتي يحتاج القائمون عليها على مواجه التغيرات المستمرة في البيئة او القطاع الذي تعمل فيه فبعض هذه التغيرات تكون بمثابة ردود فعل واستجابة للمتغيرات البيئية الخارجية والداخلية والبعض منها يكون استجابة لإستثمار الفرص المتاحة .
وفي خضم كل هذا تبحث المؤسسات عن تحقيق التوافق والتناسب بما يحقق اهداف رؤية 2030 من خلال محاكاة المتغيرات الحاصلة على المستويين الكلي مثل تغيرات القوانين والتشريعات والقيود الإدارية والمحيط التمويلي والجزئي مثل تغير حاجيات الأفراد من موظفين ومسؤولين وهو ما ينتج عنة تغيّر في السلوك .
دكتور أشرف نريد منك تعريف القراء بالمفهوم العام للتغير المؤسسي ؟
التغيير المؤسسي بكل بساطة هو عملية انتقال من مرحلة الى مرحلة أخرى والتحول من نقطة التوازن الحالية الى نقطة التوازن المستهدفة لإحداث تعديلات في أهداف وسياسات الإدارة او أي عنصر من عناصر العمل التنظيمي حيث إن دور التغير المؤسسي في التنافسية والتنمية المستدامة داخل المؤسسة يطمح إلى تعزيز التنافس وكفاءة استمرارية المؤسسة ، وهو بدوره يؤول الى التأثير إيجابياً في ترقية الفعل التنموي والإجتماعي ويهدف التغيير إلى زيادة قدرة المؤسسة على التكيّف مع البيئة التي تعمل فيها من خلال تحقيق الموائمة ، ويسهم في تطوير المعتقدات والقيم والأنماط السلوكية في المؤسسة لتحقيق غايتها، وهذا يؤدي إلى تحفيز إبتكار الأوضاع التنظيمية الحالية وتطويرها والارتقاء بمستوى الأداء التنظيمي العام للمؤسسة.
تعلمون سعادتكم أن للقيادة دور هام ومفصلي في التفاعل مع التطورات الحديثة في العمل والاستجابة للمتغيرات الداخلية والخارجية فماذا تقول حول هذا ؟
في الواقع تحتاج المنظمات بين الحين والآخر إلى إجراء بعض التغييرات في أعمالها التنظيمية أو الإجرائية أو التقنية، وفي كيفية أداء تلك الأعمال، ويواجه القائد الإداري مهمة ليست بالسهلة إزاء هذا التغيير، وهي مهمة التعامل مع هذا التغيير وإدارته بطريقة صحيحة لكي يحقق الهدف المنشود بدون ترك آثار سلبية على المنظمة أو العاملين فيها جراء هذا التغيير .
ماهي الغاية والأهدف من عملية التغيير ؟
يهدف التغيير المنظم إلى تحقيق عدد من الأهداف من أهمها ما يلي:
1- إيجاد أوضاع تنظيمية أكثر كفاءة وفعالية في المنظمة.
2- حل بعض المشكلات التنظيمية أو الإجرائية.
3- تطوير مستوى الخدمات التي تقدمها المنظمة وزيادة العناية بالمستفيدين منها.
4- إدخال تقنية جديدة أو أساليب إدارية حديثة لتسهيل أداء المنظمة لأعمالها.
5- إيجاد توافق كبير بين وضع المنظمة والظروف البيئة العالمية أو المحلية المحيطة.
6- معالجة أوضاع العاملين وزيادة الاهتمام بهم للرفع من كفاءة أدائهم.
وماهي أبعاد هذا التغيير ؟
للتغيير أبعاد عديدة وهامة ومنها :
1- إن يقرر القائد الإداري ما إذا كان يجب أن يكون التغيير سريعاً أو بطيئاً وذلك وفقاً للظروف التي يعيشها التنظيم والحاجة إلى التغيير.
2- أن يقيّم القائد الإداري مدى الحاجة إلى إحداث تغيير شامل أو تغيير جزئي في المنظمة.
3- أن يحدد القائد الإداري نوع التغيير الذي يريد إحداثه أو التعامل معه، وهل هو تغيير مادي أم تغيير معنوي. حيث إن التغيير المادي تغيير تقني أو إجرائي تنظيمي بينما التغيير المعنوي هو التغيير السلوكي والنفسي للموظفين كماويجب على القائد الإداري أن يوازن بين هذين التغيرين بحيث ان لا يطغى أي منهما على الآخر.
التغيير عملية ليست بالسهلة وليست بالصعبة ولكنها بالتأكيد تمر بمراحل عديدة. هل لك دكتور أشرف أن تطلعنا على أهم تلك المراحل ؟
التغيير من وجهة نظرعلمية تمر بخمسة مراحل هامة وهي :
( المرحلة الأولى )الدراسة التشخيصية: تبدأ هذه الدراسة بمراجعة العناصر الأساسية للعمل في المنظمة لاكتشاف فرص التطوير، وهذه العناصر هي الإنسان ونظم وإجراءات العمل، ومعدات وتسهيلات العمل، وقد يحتاج القائد عند تشخيص المشكلة إلى أخذ رأي العاملين حول أسباب المشكلة والحلول الممكنة لها.
( المرحلة الثانية ) وضع خطة التغيير والتطوير: بعد اكتشاف فرص التغيير التي تنتج عن الدراسة التشخيصية بحيث يتم وضع خطة التغيير في ضوء الأهداف والإمكانيات المتاحة.
( المرحلة الثالثة ) التهيئة لقبول التغيير: إن من أهم ما يواجه القائد الإداري عند إجراء التغيير، يتمثل في المقاومة التي تجابه التغيير، ولذلك فإن على القائد عند وضع خطة التغيير أن يضمنها خطة لتهيئة العاملين لقبول التغيير، وذلك تفادياً لحدوث أي مقاومة أو رفض لهذه العملية وبالتالي الفشل في تحقيق أهداف التغيير.
( المرحلة الرابعة ) بدء تنفيذ عملية التغيير: بعد تهيئة البيئة والمناخ التنظيمي لإحداث التغيير يتم البدء فوراً بعملية التغيير دون تأخر مع ضرورة أن يشارك الجميع في تنفيذ عملية التغيير بشكل مباشر أو غير مباشر وبالعمل أو بالرأي لضمان نجاح عملية التغيير.
( المرحلة الخامسة ) المتابعة التصحيحية: إن على القائد متابعة التغيير للتأكد من أنها تسير في إطارها الصحيح، وللتعرف على مستوى التقدم نحو تحقيق أهداف، وضبط الانحرافات والأخطاء قبل استفحالها ومن ثم اتخاذ الإجراءات التصحيحية لعلاجها، ومن المشاكل التي قد تظهر أثناء المتابعة التصحيحية وجود بعض مظاهر مقاومة التغيير، وهكذا يأتي دور القائد في معالجة تلك المقاومة مما يفرض عليه أولاً معرفة الأسباب التي أدت إلى مقاومة التغيير، ومن ثم إيجاد الحلول المناسبة.
هل القيادات فعلاً جاهزة لعملية التغيير وتملك الأدوات سواء العلمية أوالإدارية وتكوين فرق العمل ؟
بالتأكيد ليس الجميع جاهز وقادر على التغيير ولا بد من الإستثمار بذلك من خلال تنمية وتطوير القيادات الإدارية بالطرق العلمية وبذلك بعدة خطوات ومن خلال التالي :
1. تأهيل القيادات الإدارية: ويأتي هذا التأهيل كأول مراحل إعداد القيادات الإدارية عبر المراحل التعليمية المختلفة ولكي يكون كادراً قيادياً في المجتمع يتطلب الأمر أن يكون هناك برامج واستراتيجيات لتأهيل القيادات المختلفة في كل مراحل التعليم، ويجب أن تبدأ برامج هذا التأهيل منذ مراحل التعليم العام، فيتم التعرف على الأشخاص من ذوي السمات القيادية وتشجيعهم بكل السبل والوسائل على تطوير مهاراتهم وقدراتهم القيادية.
2. تطوير وتدريب القيادات الإدارية: ويكون ذلك من خلال إلحاق الموظف ببرامج قوية تساعده في التعرف على الأساليب القيادية الأكثر فاعلية، وترشده إلى أفضل السبل للتعامل مع المشاكل المختلفة، واتخاذ القرارات المناسبة حيالها، وكذلك إعطاء الموظف فرصة للاستفادة من تجارب وخبرات القادة الإداريين الآخرين أثناء العمل معهم. وهناك نوعين من تدريب القيادات الإدارية الأول وهو التدريب قبل الخدمة والثاني التدريب أثناء الخدمة.
3. اختيار وتعيين القيادات الإدارية: وهذا بسبب زيادة التعقيد في الأعمال الإدارية في المجالات المختلفة، فإنه ينبغي بذل الجهد للبحث عن القيادات الإدارية واختيارها لتقود مسيرة النجاح في التنظيمات الإدارية، وهذا الاختيار ينبغي أن يقوم على الأسس التالية:
1- الحصول على المؤهل التعليمي والإعداد المهني اللازم.
2- اجتياز الاختبار والمقابلات الموضوعة لانتقاء القادة.
3- اكتشاف من لديهم صفات القيادة وترشيحهم.
4- تقويم القادة بصفة مستمرة للتأكد من كفاءتهم وتميزهم.
ماهو دور القيادات العليا في المؤسسات الحكومية والأهلية في دعم ثقافة التغيير ؟
للقيادة العليا دور كبير وهام جداً في بناء ودعم ثقافة التغيير المؤسسي وذلك من خلال إيجاد وتهيئة المناخ المناسب للتغيير والإقرار بحتمية التغيير ، والعمل على توافق كل العاملين بالإتجاه نحو التغيير ، والبدء في وضع رؤية واستراتيجية للتغير ، ونشر رؤية التغيير وكذلك اثارة دافعية العاملين لتبني التغيير ، والعمل على ابراز النجاحات في المدى القصير لتعزيز النتائج الإيجابية وإدخال المزيد من التغيير والعمل بتوازن في تطوير القدرات للعاملين لكامل المؤسسة المراد بها التطوير .
الجميع يعوّل على مؤسسات العمل المدني الكثير والكثير في تبني سياسة التغيير . برأيكم دكتور أشرف . ماهو الدور المطلوب القيام به من مؤسسات العمل المدني في نشر ثقافة التغيير وتطوير القيادات ؟
مؤسسات المجتمع المدني على اختلاف غاياتها، ومنابر المواطنين على تعدد أشكالها، قادرة على أن تتوسع وتتغير في إطار ثلاثي الأبعاد، أفقيا على مستوى المشاريع والمبادرات والقاعدة الشعبية، وطوليا على مستوى تنفيذ هذه المبادرات وتعدد الشرائح المجتمعية المنضوية تحتها، وعلى مستوى العمق والبعد الذي تطرحه وتتناوله من قضايا تسهم في بناء الدولة.
إن بناء دوله المؤسسات والمجتمع المدني من أهم وأبرز الخطوات الأساسية التي يجب اتخاذها في رفع مستوى وعي المجتمع بالحقوق والرقي بها ، لأنها هي التي يتم من خلالها دفع الانسان تجاه تحمل المسؤولية ، والوعي بامور الحياة واتجاه تطوير قدراته العقلية ومواهبه الذاتية وخصاله الإنسانية ، وتحثه على التفكير والابداع والنقاش والهدف الأساسي والرؤية المستقبلية هي بناء مجتمع حضاري متقدم ينعم افرادة بالرفاهية الاجتماعية.
الدولة حفظها الله تسعى لإعداد قادة للمستقبل وقيادات الصف الثاني تمتلك المعرفة والعلم لتواكب سياسة التغيير والتنمية لتحقيق رؤية 2030 وهناك عدة استراتيجيات واليات للوصول إلى ذلك، ماهي رؤيتكم لهذا الملف الهام ؟
خطوات واستراتيجيات إعداد القيادات واختيار قادة المستقبل تمر عبر عِدّة خُطُوات وهي:
1. حصر القيادات الشابّة سابقة التأهيل.
2. انتقاء القادة الإداريين الشباب وإلحاقهم بالدّورات.
3. تحضير البرامج والمناهج والوسائل التعليميّة والتدريبيّة.
4. توفر وسائل دعم ومساندة تدريب القيادات
5. إيجاد معايير تقييم نجاح تدريب القيادات الشابّة.
6. نتائج أعمال تدريب وتطوير القيادات الشابّة.
7. مطابقة النتائج بأهداف البرنامج.
8. التّغذية الراجعة لتعويض النّقص في تطوير القيادات الشابّة.
9. هذه الخطوات الثانية ضرورية لإعداد القادة وفي أي مجال من مجالات الحياة، أضف عليها:
1. انخراطهم ضمن حاضنات تحاكي الواقع العملي.
2. تصفيتهم بناءً على المعايير .
3. مراجعة واعادة تصنيفهم وتوزيعهم بما يتناسب مع التطورات التي قد تطرأ عليهم مع الوقت الطويل نسبيا للتدريب.
ما أخلص اليه ان القيادة مهارة مكتسبة في الأساس تحتاج لعدد من الخطوات للوصول الى قادة بمواصفات تتسم بالقوة بما يحقق اهداف الجماعة.
ختاما سعادة الدكتور أشرف لا يسعني إلا أن أتقدم لك بالشكر نيابة عن منسوبي الصحيفة وقراؤها على هذا اللقاء الجميل والماتع وسيصبح بمشيئة الله تعالى قراء الصحيفة بعد الإطلاع على هذا المقال من المساهمين في عملية التغيير لأنهم أصبحوا على إطلاع كبير بكل ما يتعلق بالتغيير من مفاهيم وآليات وسيتمكنون من إحداث التغيير في وطننا الحبيب لإمتلاكهم للأدوات التي تجعلهم يبدأون فور الإنتهاء من قراءة هذا المقال , وإلى لقاء قريب معكم دكتور أشرف لنناقش مواضيع أخرى تهم قراء صجيفة الأنباء العربية .