في خضم جائحة مميتة تجتاح العالم، تُعطي رئاسة ولاية كيرالا الهندية بعض التفاؤل بأن الولاية تحتوي انتشار فيروس كورونا المستجد، مع حالة وفاة اثنين فقط، تقع ولاية كيرلا الهندية على الساحل الجنوبي لشبه القارة الهندية، وهي الولاية الاستوائية بالهند، حيث الأمطار الموسمية تتميز كيرالا بطبيعة خاصة تميزها عن بقية أنحاء شبه القارة الهندية.
تتخذ حكومة ولاية كيرالا بجنوب الهند العديد من الاحتياطات للسيطرة على مرض كورونا المستجد بكوفيد 2019، من الانتشار. وأصبحت الولاية نموذجا مثاليا يحتذى به للعالم، وقد أعلنت الحكومة إغلاقها الكامل قبل أن يعلنها باقي الولايات الهندية، فلن تعمل وسائل النقل العام خلال هذه الفترة والتجمعات العامة مقيدة، وستبقى جميع المؤسسات التعليمية مغلقة حتى يتم القضاء على هذا الوباء.
أفضل مثال على الولايات الأخرى
لقد قدم نظام تقديم الرعاية الصحية في ولاية كيرالا أفضل مثال على الولايات الأخرى حينما منحت سبعة مراكز للرعاية الصحية الأولية (PHCs) شهادة معايير ضمان الجودة الوطنية (NQAS) من بعثة الصحة الوطنية، وهي ذراع لوزارة الصحة ورعاية الأسرة.
ومن بين مراكز الرعاية الصحية الأولية السبع ، انتخب مركز صحة الأسرة في كايور في منطقة كاساراكود في ولاية كيرالا لأفضل أداء ووسم كأفضل مركز للرعاية صحية أولية في البلاد. وفي ظل مهمة Aardram (آردرام)، حولت حكومة ولاية كيرالا 170 مركزًا صحيًا إلى مراكز لصحة الأسرة في عام 2017.
يتم منح المراكز الصحية شهادة NQAS على أساس معايير معينة بما في ذلك مرافق المختبر، والمرافق الأساسية في أقسام الإدارة العامة، وخدمات المستشفيات، ونظام مكافحة العدوى، والنظافة، ومراعاة المريض، في حين توفر الرعاية الصحية الجيدة بأسعار معقولة ومقبولة للجميع، تركز الدولة أيضًا على الوقاية والسيطرة وإدارة الأمراض المعدية وغير المعدية ونمط الحياة، وإدارة الكوارث، وبيئة صحية خالية من التلوث، وتوعية الجمهور من خلال تنفيذ مختلف البرامج الصحية الوطنية.
وقد أصبح قطاع الصحة العامة في الولاية من أكثر القطاعات المشهورة في البلاد ، فإن الصحة العامة كانت في حالة من التدهور، ولكن حكومة كيرالا نجحت في تنفيذ عدة مشاريع مهمة في جميع القطاعات الرئيسية، بما في ذلك القطاعين الصحي والتعليمي، ونال إنجازًا يشبه الحلم في السنوات الأربع الماضية وحصل هذا الإنجاز الضخم بعد التنفيذ الناجح لتلك المشاريع والتي أطلقت تحت إشراف المباشر لرئيس الوزراء الحالي والرئيس الوزراء السابق أومان تشاندي.
وقد أعلنت الحكومة حزمة باهظة لعلاج هذا الوباء ولاستعداد مراكز العلاج والمستشفيات العامة، فشفي كثير من المصابين بهذا الوباء بالعناية الكاملة من قبل الحكومة، وتعد كيرالا أول ولاية في الهند تسجل إصابة بفيروس كورونا في يناير الماضي حيث ظهرت ثلاث حالات إصابة بالفيروس لطلاب عائدين من مدينة ووهان الصينية (بؤرة تفشي الفيروس) فيما يصل عدد الأموات في الولاية حاليا إلى اثنين فقط ويخضع139725 لمراقبة صارمة ويوجد 749 آخرون قيد الحجر الصحي في المستشفيات.
فالولاية في الرتبة الأولي بالنسبة إلى باقي الولاية الهندية في زيادة عدد شفاء المصابين بـــــ 27 % في المائة، حيث إن المتوفين هم الذين تجاوزوا من عمرهم أكثر من 60 سنة، وكان أول شخص يموت من كوفيد 19 ، رجل من ماتانشيري الذي لديه تاريخ سفر إلى الشرق الأوسط يبلغ عمره 69 عامًا.
تقوية الجهاز المناعي
وتعد كيرلا أول ولاية في الهند تسجل إصابة بفيروس كورونا في يناير الماضي حيث ظهرت ثلاث حالات إصابة بالفيروس لطلاب عائدين من مدينة ووهان الصينية، وإن كيرالا سجلت 345 إصابة بفيروس “كورونا” المستجد “كوفيد-19” حتى الآن، وأن غالبية الإصابات بفيروس “كورونا” المستجد في الولاية الهندية الجنوبية قادمة من الخليج العربي، وخلال ذلك تم تسجيل 4421 إصابة بالفيروس بعموم الهند بينهم أكثر من 100 حالة عائدة من الخليج حيث يديرون شركات منسوجات صغيرة ويعيشون في مساكن ضيقة،وتعد فيروسات كورونا فصيلة كبيرة من الفيروسات المعروف أنها تسبب اعتلالات تتنوع بين الزكام وأمراض أكثر وخامة.
أطلقت الحكومة مبادرة جديدة تسمى “كسر السلسلة” في 15 مارس، تهدف الحملة إلى تثقيف الناس حول أهمية النظافة العامة والشخصية. في إطار هذه الحملة ، قامت الحكومة التي تديرها بيناراي ويجيان بتركيب صنابير المياه في الأماكن العامة مثل بوابات الدخول والخروج لمحطات السكك الحديدية بزجاجات غسيل اليد بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والنوادي المحلية.
يعتمد علاج فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على تقوية الجهاز المناعي لدى المصابين وعلاج الأعراض المرضية والتخفيف من المضاعفات حيث لا يوجد إلى اليوم علاج محدد، والأطباء في كيرالا يطعمون المصابين بكورونا “هيدروكسي كلوروكين” وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مشجعاً لاستخدام عقار هيدروكسي كلوروكين، حيث كان يشير إلى دراسة فرنسية كدليل على أن تركيبة دوائية معينة قد تكون “واحدة من أكبر العوامل التي تغير قواعد اللعبة في تاريخ الطب”.
في مواجهة مد كورونا
فبينما سجلت آلاف حالات الإصابة ومئات حالات الوفيات في دول بعيدة عن الصين وذات إمكانات وقائية وعلاجية ولوجستية أفضل من الهند بعشرات المرات، أن الهند بتعدادها السكاني الضخم ومساحتها الجغرافية الشاسعة وحركة التنقل اليومية الهائلة بين أقاليمها وحدودها ظلت محصنة طويلا ضد الوباء.
ونالت الحكومة في هذه الحالة بأعمالهم البناءة ضد المرض، وإلا لكانت حالة البلد أسوأ من حالة بقية الشعوب التي تمدد الفيروس نحوها، لأن التعداد السكاني34523726 ، في مساحة 38863 كيلومتر مربع حسب إحصائيات 2017،
التغلب على وباء كوفيد
وقد تواجه كيرالا في السنوات المتولية الماضية عدة كوارث منها الفيضانات وافيروس نيباه الذي قتل 260 شخصًا في ماليزيا وبنغلادش والهند وسنغافورة منذ عام 1998، أما فيروس نيباه هو نوع من فيروسRNA في جنس هينيبافايروس، تختلف أعراض الإصابة من لا شيء إلى الحمى والسعال والصداع وضيق التنفس والارتباك، اعتبارًا من مايو 2018، تشير التقديرات إلى حدوث 700 حالة بشرية من فيروس نيباه، وتوفي 50 إلى 75 بالمائة من المصابين بالفيروس في مايو 2018، أدى تفشي المرض إلى وفاة 18 شخصًا على الأقل في ولاية كيرالا الهندية، و يمكن أن ينتشر هذا المرض بين الناس ومن الحيوانات الأخرى إلى الناس، ويجيئ فيروس كورونا مؤخرا في سلسلة هذه الأوبئة.
أعلن رئيس الوزراء بينارايي فيجايان عن حزمة مالية بقيمة 20000 كرور روبية ( 2.5 مليار يورو ؛ 2.6 مليار دولار ) لمساعدة الولاية على التغلب على الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الكوارث والأوبئة، تتضمن هذه الروبية 500 كرور للرعاية الصحية، و 2000 كرور روبية للقروض وحصص الإعاشة المجانية، و 2000 كرور روبية لخلق وظائف في المناطق الريفية، و 1000 كرور روبية للعائلات التي تعاني من صعوبات مالية، و 1320 كرور روبية لدفع المعاشات التقاعدية شهرين مقدمًا.
وفي السنوات الثلاثة الماضية، اضطلعت مستشفيات الحكومية بمشاريع إنمائية بقيمة 1500 كرور روبية هندية، وبالإضافة إلى ذلك أنشأت حكومة اليسارية5221 وظيفة جديدة بما في ذلك 1235 طبيبًا و 3986 طواقما في مجال بارا الطبية، ومع ذلك تم تفويض كلا من القرويات والبلديات مسؤولية تعيين طبيب وممرضة في مستشفياتهم برواتب من صندوق الخطة.
وبالنسبة إلى الولاية هي مقصد للعديد من السياح حول العالم، و يعتبر قطاع السياحة مساهم رئيسي في اقتصاد كيرالا، فهي تشتهر بالسياحة العلاجية، والتي تُعالج أمراض القلب، والجلد، والجهاز العصبي، والهضمي، وذلك من خلال العديد من المراكز أيروفيدا، وهي مراكز تُقدم العلاجات الطبيعية، مثل: اليوغا، والتأمل، والتدليك، وقد انخفضت الحالة الإقتصادية للولاية بتوقف قدوم السياحيين الأجانب.
وقد اتخذت الولاية إجراءات للحد من تفشي الفيروس بتنظيم فرق متخصص للتعامل مع حالات الاصابة إضافة إلى تأسيس فرق الإستجابة السريعة في المؤسسات الصحية ومكتب المساعدة ونشر التوعية العامة بالفيروس في الولاية.
1 comment
1 ping
سعيد ساحل الوافي
19/05/2020 at 6:47 ص[3] Link to this comment
أخي العزيز.. قرأت مقالتك
زيّنتَ السطور بقلمك ورسمتَ الصورة الحقيقية لولاية كيرالا في مواجهة فيروس كورونا المستجد..