تبادلت الهند وباكستان إطلاق نار “كثيفا” عبر الحدود بينهما السبت، بعد ساعات من عقد مجلس الأمن أول جلسة بخصوص كشمير منذ نحو خمسين عاما على إثر إلغاء نيودلهي الحكم الذاتي في القسم الذي تسيطر عليه من الإقليم المتنازع عليه.
وتدور اشتباكات ومناوشات بشكل متقطع على خط المراقبة الذي يقسّم الإقليم منذ نهاية الاستعمار البريطاني عام 1947.
ويأتي تبادل إطلاق النار بعد أن ألغت نيودلهي الوضع الدستوري الخاص بالقسم الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير في 5 آب/اغسطس الجاري. الأمر الذي أثار تظاهرات من السكان المحليين وغضب باكستان واستياء الصين.
وقال مسؤول حكومي كبير في الهند لوكالة فرانس برس إنّ “تبادل إطلاق النار لا يزال جاريا”، ووصفه بأنه “كثيف”.
وذكرت مصادر أنّ جنديا هنديا قتل. ولم تعلق باكستان بعد على أعمال العنف.
ومساء الجمعة، نجحت الصين والهند في عقد اجتماع لمجلس الأمن حول كشمير، خلف الأبواب المغلقة، لأول مرة منذ الحرب بين الهند وباكستان في العام 1971.
ورحب رئيس الحكومة الباكستاني عمران خان بالاجتماع وقال إن “معالجة معاناة الناس في كشمير وضمان حلّ النزاع مسؤولية هذه الهيئة الدولية”.
وتشدد نيودلهي على أن وضع الإقليم مسألة داخلية محض.
وصرح سفير الهند في الأمم المتحدة سيد أكبر الدين للصحافيين في نيويورك بعد اجتماع مجلس الأمن “لا نحتاج إلى هيئات دولية تتدخّل في شؤون غيرها لمحاولة إطلاعنا على كيفية إدارة حياتنا. نحن أمة تتجاوز المليار نسمة”.
من جانبه حض الرئيس دونالد ترامب الخصمين النوويين على العودة إلى طاولة المفاوضات، وأكد في محادثة هاتفية مع خان على أهمية “خفض التوترات من خلال الحوار الثنائي”.
– خطوط الهاتف –
من جهة أخرى، بدأت السلطات الهندية السبت إعادة خدمة الهواتف تدريجيا في المنطقة المضطربة، بعد أسبوعين تقريبا من انقطاع كامل للاتصالات تم فرضه قبل ساعات من قرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بإلغاء الحكم الذاتي للإقليم.
وقال قائد الشرطة المحلية لفرانس برس أن 17 من أصل مئة خط هاتفي رئيسي أعيد تشغيلها السبت في منطقة وادي كشمير.
لكن الهواتف النقالة والانترنت ما زالت مقطوعة في المنطقة ذات الغالبية المسلمة والمعقل الرئيسي لمقاومة الحكم الهندي في ولاية جامو وكشمير حيث يدور نزاع منذ 30 عاما أودى بحياة عشرات الالاف.
وبسبب خشية الحكومة المركزية من تنظيم احتجاجات واضطرابات، أرسلت الهند 10 آلاف جندي إضافي إلى المنطقة وفرضت قيودا مشددة على حركة التنقل واعتقلت قرابة 500 من السياسيين المحليين والنشطاء والأكاديميين وسواهم.
وأعلن الوزير الأول في حكومة الولاية بي.في.آر سوبراهمانيام الجمعة عن استعادة “تدريجية” لخطوط الهاتف في نهاية الأسبوع، وإعادة فتح المدارس في بعض المناطق الأسبوع المقبل.
– صدامات –
لم ينجح تحويل سريناغار إلى حصن تنتشر فيه حواجز الطرق والجنود والأسلاك الشائكة في وقف غضب الشعب.
وقال المواطن طارق مادري لوكالة فرانس برس “نريد السلام ولا شيء آخر، لكن جعلونا وسط هذا الإغلاق الأمني مثل الخراف فيما يأخذون القرارات نيابة عنا”.
وأضاف “حتى ابني البالغ تسع سنوات سألني لماذا يحاصروننا في الداخل”.
واشتبك مئات المتظاهرين في المدينة الجمعة مع الشرطة التي ردت بالغاز المسيل للدموع وطلقات بنادق ضغط.
وألقى الناس الحجارة واستخدموا صفائح من الصفيح ولوحات إعلانات المتاجر دروعا يحتمون بها، فيما أطلقت الشرطة عشرات الطلقات من بنادق الضغط على الحشود. ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات.
وتفجرت المواجهات بعد أن تظاهر أكثر من 3 آلاف شخص في حي سورا الذي شهد احتجاجات متكررة هذا الشهر.
وقبل أسبوع شارك قرابة 8 آلاف شخص في تظاهرة انتهت بمواجهة عنيفة مع الشرطة، بحسب أهالي.
وقال طالب الهندسة عدنان رشيد (24 عاما) “أريد أن تعرف الحكومة أن هذه السياسات العدوانية لا تنجح على الأرض”.
ونزل بعض الأشخاص إلى الشوارع السبت لشراء سلع أساسية لكن معظم المتاجر في سريناغار لا تزال مغلقة.
وقال محمد ألطف مالك (30 عاما) إن الناس لا زالوا غاضبين إزاء إلغاء الوضع الخاص لكشمير “بالطريقة التي جرى فيها ذلك”.
وقال مالك لوكالة فرانس برس أثناء توجهه لزيارة مريض في المستشفى “الفساد مستشر والشرطة لا تتردد في توقيف أي شخص ثم طلب المال لإطلاق سراحه”.
وأضاف “لا نرى أن الوضع سيتغير بالنسبة لعامة الناس مثلنا”.