يخلط البعض بين مفهومي النموGrowth والتنمية Development بصفة عامة وفى التخطيط الحضري بصفة خاصة وللحديث حول المفهومين حيث تحدث لنا المهندس بندر عبدالله الحربي عضو وحده الاسكان السعودي
والذي قال ان الكلمتان مترادفتان تحملان مؤشراً للتطوير في كافة الأبعاد المختلفة ، والنمو يعني الزيادة الثابتة أو المتغير في قيمة الشيء والتي ترتبط في كثير من الأحيان بالكم Quantum وليس بالكيف Quality أما بالتنمية الحضرية فهي تعني الإرتقاء بالبيئة وتوفير الإحتياجات الأساسية للسكن والعمل والخدمات المجتمعية وعناصر الإتصال وشبكات البنية الأساسية وذلك في إطار محددات المكان وضوابط القيم الإجتماعية والثقافية دون التصادم مع البيئة الطبيعية أو إهدار مواردها, وبذلك فهي ترتبط بالكم والكيف معاً أي أنها تحقق نمواً أفقياً ورأسياً وفى الوقت نفسة توفر العناصر الأساسية المطلوبة للسكان. علي سبيل المثال قد نجد العديد من المدن في العالم الثالث تتميز بالنمو العمراني المتسارع افقياً ورأسيا نتيجة لتفاقم المشكلة السكانية وارتفاع معدلات الزيادة الطبيعة واتجاهات الهجرة الداخلية بين اقاليم الدولة ولكنها لا تحقق مبدأ التنمية الحضرية المتلازم لمفهوم النمو العمراني , مما يؤدي إلى ظهور العديد من المشكلات ومنها ظهور المناطق العشوائية غير المخططة ، النقص الحاد في خدمات البنية التحتية والخدمات الأساسية في تلك المناطق وخاصة مع ضعف الموارد المالية للدولة ، الكثافة السكانية المرتفعة، ظهور بعض من انماط الجرائم المرتبطة بنمط العشوائيات السكنية.
مما سبق يمكن القول أن النمو الحضري ظاهرة ديناميكية Dynamics متحركة بصورة مستمرة نتيجة لبعض المتغيرات والعوامل والتي يعد دراستها ضرورة أساسية في استمرارية وبقاء النظام الحضري، كما أنها تعبر عن حقيقة التغيرات التي تحدث داخل المدينة والتي تساعد في النهاية للوصول لحالة الاتزان والمثالية بين النمو والتنمية.وهنا تكمن العلاقة بين التخطيط العمراني من ناحية ومفهوم النمو والتنمية المستدامة من ناحية أخري وعندما يتعلق الأمر بنمط التنمية الحضرية فالنمو الحضري يعني النمو العمراني Physical Expansion مضاف إلية التغيرات الوظيفية الكيفية Functional Changes ما يعني الإنتقال من الأراضي الفضاء غير المبنية إلى مناطق حضرية في إشاره إلى إستخدامات الأراضي, وتوزيع الخدمات, والمرافق , والبنية التحتية , ولتحقيق العلاقة بين النمو والتنمية المستدامة يجب أن يراعي المخطط معدلات النمو السكاني المتوقع وعدد الأسر والعمل على توفير الخدمات المختلفة التعليمية والصحية والترفيه للعدد المتوقع الأقصى من السكان بما يحقق في المحصلة النهائية جوهر التنمية الحضرية المستدامة ويتم تقييم التنمية الحضرية المستدامة ومدي فاعليتها من خلال المعايير الإقتصادية والمعايير العمرانية والمعايير البيئية والمعايير الإجتماعية ومعايير البنية الأساسية والمعايير الخاصة بالنقل.
وعلاقة التخطيط بالنمو والتنمية المستدامة لا تقتصر فقط على وضع المخططات الجديدة ولكنها تشمل كذلك تطوير المناطق القائمة , وهى المرحلة الأكثر صعوبة وتكلفة في تحقيق التنمية المستدامة ولذلك وضعت الأمم المتحدة استراتيجية التنمية الحضرية المستدامة ( USUDS) في المناطق القائمة وقد شملت على خمسة مراحل أساسية :
– مرحلة ما قبل التشخيص أو تحديد المشكلة: وتشمل على دراسة لوضع الراهن وتحديد أهم الخطوط العريضة والقضايا الرئيسة المرتبطة بالتنمية ولا تشمل تلك المرحلة على دراسات تفصيلية.
– التشخيص الاستراتيجي : وهي عملية أكثر شمولية وتخص جمع المعلومات والبيانات وعقد مجموعات العمل لمناقشة قضايا التنمية.
– الإطار الاستراتيجي : حيث يتم وضع إطار إستراتيجي على أساس نتائج المرحلة السابقة والتي شملت جمع وتحليل البيانات والمعلومات وبناء عليه يتم تحديد الأهداف العامة والفرعية للتنمية الحضرية المستدامة.
– خطة العمل: تعتمد وضع خطة العمل على الإستراتيجيات التي جرت بلورتها من خلال الإطار الاستراتيجي حيث يتم وضع مجموعة من المشروعات والإجراءات المقترحة والتي سيتم تنفيذها علي المدى البعيد والقريب.
– نظام المؤشر: وهي مرحلة رصد فاعلية التنمية وتشمل على ثلاثة أنواع من المؤشرات وهي المؤشرات الدائمة، مؤشرات أداء المدينة، مؤشرات السياسات والبرامج، والغرض من هذه المؤشرات هو تقييم التطور المستقبلي للمدينة ومستوي الملاءمة مع الأهداف الاستراتيجية والرؤية المحددة لها.
وأخيراً ثمة عنصر هام من عناصر علاقة التخطيط العمراني بين النمو والتنمية المستدامة وهو البعد الوظيفي للمناطق الحضرية , والذي يؤثر بشكل كبير على النمو من ناحية والتنمية المستدامة من ناحية أخرى, فيلاحظ أن المناطق التجارية ومناطق الأعمال أكثر نمواً وتنمية من المناطق السكنية ، كذلك فإن الوظيفة الدينية من أكثر خصائص المدن تأثيراً في اتجاهات وشكل النمو العمراني والتخطيط المستقبلي ويتضح ذلك من خلال دراسة لبعض مراحل النمو بمدينة مكة المكرمة حيث إرتبط التطور العمراني لمكة المكرمة إرتباطا وثيقا بدورها كمقصد ديني، وقبلة لكل المسلمين وأصبحت تدفقات الحجاج والمعتمرين العنصر الرئيسي في نموها وتطورها العمراني.