اكيد ستقولون لي : مال لهذا الرجل عاد للحديث عن الأغاني والطرب ، اغاني الحماس والحرب . وعن المغنين والمغنيات!
اعد النظر !!
فأنا لست من مستمعي الأغاني الا لبعضها او ماتطرب فتشدني اذني لسماعها ، ولا املك صوتا" جميلا" الا ( مع نفسي) .
ليس من باب الحلال الحرام . فهو ليس محل بحثي ومقام مقالي .
عموماً !!
لست بصدد الحديث عن فيروز وما تغنت به، أنما اردت الحديث عن موضوع في غاية الأهمية.. ! نطقت به فيروز ولحنه الرحباني.
حديثي عن الآن .
الآن وضرورة الاستمتاع بالآن.
الآن الآن وليس غداً !! وليس الامس.
أن رجلاً كان يملك قدرا عظيما من الذهب والألماس وقد دفنها تحت أكوامِ التراب, وكان يعودُ كنزه يوميا حيث يحفر ويحصي الذهبَ والألماس قطعة قطعة, وقد كان بخيلا ممسكا, وقد أثار كثرة تردده على هذا المكان انتباه أحد اللصوص فراقبه وعرفَ مكان هذا الكنز الثمين, ولم يتأخر هذا اللصُ عن مباغتة الرجل؛ فجاء للمكان في غفلة منه, وحفر المكان وأخذ المجوهرات, ثم ولى هاربا, وفي الصباح حضر الرجل كعادته للاطمئنان على المجوهرات فلم يجدها؛ فغرق في حزنٍ شديد, وبدأ في العويلِ والبكاء, فرآه أحد جيرانه وقال له: توقف عن البكاء وكُفَ عن النواح وسأعطيك حلا لمشكلتك ! قال أدركني: قال له الجارُ: ادفن بعض الحصى وتخيله ذهبا وستؤدي نفس المهمة بنفس الكفاءة؛ حيث أنك لم تكن في الأصل تستفيد من ذاك الذهب الذي سرق!
وتلك قصة تحكي حال الكثير من البشر ممن يمتلك الكثير ويباشر أروع الأشياء لكنه لا يستمتع بها !
يقول اريكارتولي لا شيئ يحدث في المستقبل ولا شيئ يحدث في الماضي... الماضي ذكري قضت وانتهت.. والمستقبل هو تخيل لما يمكن أن يحدث! وعندما تحدث تسمى لحظة الآن.
" الماضي والمستقبل هما انعكاس لحقيقة واحدة تسمى الآن "
كلام جميل يحتاج إلي تأمل.. وسيقول لي البعض أوليس الماضي له فؤائد عظيمة ، تلعمنا فيه. أوليس مانعيشه الآن ماهو الا نتاج تجاربنا وحصيلة تعلمنا.
صحيح!
الماضي نوعان : ماضي فيه التجارب والتعلم والفرح والذي يعيننا على استثمار استخدام الان والاستفادة من كل لحظة في (الآن) .
وماضي فيه الأحزان والخوف والهم وهو الذي يرهق كاهل الانسان اذا ما استحضره (الآن) وستعيش في سجن الماضي ولن تشعر ب (الآن) .
وليس فقط الماضي هو ما يجعلنا نعيش في قلق دون الاستمتاع ب ( الآن) فالمستبقل أيضاً شبح قد يعكر صفو حياتنا وينتزع فرح لحظتنا ، فنخاف منه ونحمل همه هذا النوع من المستقبل يستنزف طاقتنا ويقلق لحظتنا.
اما الثاني فالمستقبل الذي نخطط له ونستثمر فيه العمل واستغلال اللحظة الراهنة ولحظة الآن .
إن اكثر مايفكر به الإنسان في هذه الدنيا هو رزقه وكيف له ان يأمنه.
استحضرت هنا مقولة ( كيف اخشى الفقر وانا عبد الغني) ، وحديث الرسول صل الله عليه وسلم لو انكم توكلتم علي الله حق توكله لرزقكم.....
والحديث القدسي ( يا ابن ادم لاتطلب مني رزق غد لاني لم اطلبك عمل غد)
والسؤال : هل ستجد نفسك إن تذكرت الماضي ، وتخيلت المستقبل! ؟
إن القلق وتوسع التفكير ونسيان اللحظة هي مهارة مكتسبه ، ابتدعها الناس وعاشوها فافسدت عليهم لحظتهم.
حينما اشعر بهذا الشعور ودائما" ماغوص فيه ، واجعل دايما" همي التفكير والتخطيط لذا قررت أن اجد نفسي و اوكل امري ، وافوض عمري ، فمري ملك لله .
اتأمل دائماً حركة الأطفال ، والاستمتاع باللحظة .، ادرك تماماً اننا لابد لما ان نتعلم من الصغتر مهارة الاستغراق في اللحظة ، والانغماس في المشهد دون قلق من مستقبل غامض.
فلحظة الآن بها لا بغيرها هي التي من خلالها يتغير الانسان.
لحظة الآن لن تكرر ، ابدأوا بالاستمتاع بما تملكونه ، اصنعوا سعادتكم بايديكم ، تنبهوا للحاضر فهو اللحظة الوحيدة التي نعلم يقينا" أننا نعيشها.
لاتكونوا كمن يوثق اللحظات دون نعيشها ،
عيش اللحظة !!
الآن الآن وليس غداً .
* د. عثمان عطا