﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾
ودعنا أمس القريب الطبيب السعودي (رئيس زين العابدين زين العيدين الندوي ) أحد أقدم أطباء مكة واشتهر بعيادته في حي شارع منصور بمكة المكرمة، عن عمر يناهز التسعين عاماً تقريباً، وقد أديت الصلاة عليه بالمسجد الحرام في فجر يوم الجمعة 27 / ربيع الأول / 1447 هجري، ودفن بمقابر المعلاة بمكة.
ذلك الطبيب الذي نذر نفسه لخدمة المرضى الفقراء والمحتاجين، حتى أطلق عليه طبيب الضعفاء وكلنا فخر بمكة أن من بيننا من تفانى في قضاء حوائج الناس وسعي للخير والعمل النافع من أجل مجتمعه ووطنه، وكنت أتذكر أجرة الكشف لديه في أيام الزمن الجميل بمبلغ بسيط جداً،سبحان الله كان يرفض أخذ الأجرة من الفقراء، بل وقد يشتري لهم العلاج على نفقته الخاصة ويعطيهم، وهبه الله قلبا رحيما عطوفا علي الفقراء وحتي الاشخاص العاديين
وكأنه يقول عاهدتُ الله ألا آخذ قرشاً واحداً من فقير أو معدم، وسأبقى في عيادتي أساعد الفقراء نعم والله هذا مالامسناه وعشنا واقعنا معه، الذي خدم مرضاه فترة طويلة من الزمن بأجور رمزية، بل مجانية في كثير من الأحيان، عرفته عن قرب عندما كانت والدتي رحمها الله تتعالج عنده،ولمست فيه الالتزام الديني، والطيبة، والهدوء، وحسن الخلق، وحب مساعدة المرضى الفقراء، بعيدًا عن مظاهر الدنيا الزائفة وحب الظهور.
سبحان الله كان تشخيصه للأمراض دقيقاً جدا، بالرغم من أنه لم يكن يملك أجهزة حديثة في ذلك الوقت ولكن كان يملك قلباً رحيما وإخلاصاً وإحتراما لمهنته.
نعم رحل طبيب الضعفاء تاركاً خلفه دروساً في الإيثار والتضحية وحب الخير وهب حياته طيلة فترته العلاجية يداوي المحتاجين، وفي سنواته الأخيرة، عانى الدكتور رحمه الله من مشكلات في قلبه وعمل عملية القلب المفتوح إلى أن توفاه الله وبالرغم كبر سنه ومرضه شاهدته كان حريصاً على أداء الصلاة في جماعة المسجد بعربته مع بعض أحفاده أو أبنائه بالرغم إلا من رحم ربي من الأصحاء لم يحافظوا على صلاة الجماعة فهو رحمه الله حريصاً عليها ورسالة أوصلها للجميع على الحرص بصلاة الجماعة.
وأخيراً أقول لكل أصحاب المهن ولكل أصحاب الملايين، تذكَّروا أنَّ الحياة زائلة وأنَّ الأعمار قصيرة وأنَّ كل ما يُجمع من مال يتركه الإنسان خلفه ولا يخرج من الدنيا إلا بكفن لا يزيد ثمنه على عشرة دنانير، وتبقى الملايين، وتبقى العقارات، ولا يستفيد منها الميت إلا ما قدَّم لنفسه عند الله، وما ترك بعده من أثرٍ طيِّبٍ، وعملِ خيرٍ وسُمعةٍ يشهد بها العباد وحسنة تسجل له عند الله سبحانه.
أسأل الله رب العرش العظيم أن يرحمه رحمة واسعة،وأن يغفر له مغفرة تامة، وأن يتقبله قبولًا حسنًا، وأن يحشره مع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا، وأن يجعله في الفردوس الأعلى من الجنة يارب العالمين.
وبخالص الحزن والأسى نحن عوائل المنشي- الحافظ -الصائغ- المشتاق - البدوي- الخراط، نعزِّي أسرة زين العابدين الكرام، أخوانه وأبناء المرحوم، وأقاربه وأحفاده، وجميع محبيه، سائلًا المولى عز وجل أن يُلهمهم جميل الصبر وحسن العزاء.
1 comment
1 ping
ابو احمد
20/09/2025 at 4:12 م[3] Link to this comment
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله خير أستاذ عبدالرحمن على المقالة وأعطاء هذا الطبيب الطيب حقه وياليت بقية الكتاب مثلك بارك الله فيك وفي قلمك.