من قال بأن عمر الإنسان ليس سوى اللحظات الجميلة فقد صدق، نعم يعيش الإنسان حياته ما بين خوف وأمل، صدق وكذب، حب وكره وعبث وتنقضي أيامه فيها وهو غير مدرك لما أدركه منها وما أنجزه، ولكن فجأةً عندما يلتقي مع ذكرى الطفولة أو صديق قديم في حارته باعَدتُهم الحياة يقع أسيراً للحنين والذكريات الجميلة لتلك اللحظات النادرة من عمره، ومهما حملت معها من أيام أو سنين فستظل مجرد لحظات.
بالأمس القريب كان لنا لقاء معايدة لأهالي حي المسفلة، فكم هيا أسعدتني وأحيّت في قلبي مشاعر كانت غائبة وجعلتني أستشعر حقيقة ما كنت أفقده من سنين، فوجدت الكلمات الصادقة والمحبة الموجودة في قلوب الجميع أعادتني لزمن جميل مضى ولا يمكن أن أنساه.
فمهما كان البعد لظروف الحياة مع الزمن ستظل المحبة فيها صادقة لأنها لم تبنى من قبل على مشاعر كاذبة أو اوهام وهذا ما يميزها، أهل الحارة هم الصداقة الحقيقية فهي التي تصمد مع الزمن ومهما كان فيها من البعد فجوهرها يظل محفوظاً في قلب صاحبه دون أن يتنازل عنه أو يفقده يتجدد العهد فيها مع كل حفلة أو لحظة عابرة وهي رصيده الحقيقي ومكسبه، ومن يعش في لحظاتها يكن محظوظاً لأنها الوحيدة القادرة على تجديد نشاط صاحبها وتنشيط لذاكراته، ومن فوائد هذا الحفل السنوي وهذا مجرب، فالتواصل والترابط هما الركيزه الأولى لهذا الحفل، وأيضاً السؤال عن أصدقاء الطفولة شيء جميل وستجدون فيهم شيئاً مختلفاً لكلٌ منهم شعور يختلف عن الآخر لايمكن لأحد أن يشبهه ولذلك نعش معهم ذكريات مليئة بالمشاعر الصادقة التي لاحدود لها، َفكل من هو حاضر في الحفل له شعور وده البوح بها وأنا واحد منهم خطها قلمي،فأقول لأخي علي الزقرتي صاحب ديوانية الزقرتي وزملائه في اللحظة التي ترى نتيجة تعبك لمدة طويلة وترى كم أن هذا الطريق استحق هذا الجهد و العناء، وقتها تدرك جمال اللحظة وتشعر بالفخر بما قدمتموه لحفل أهالي المسفلة.
لاشك يسترجع الانسان ذكريات لا تنسى ستبقى محفورة في أعماقه للأبد لأنها وثقت أصدق اللحظات والمواقف العفوية التي كان لها الأثر الكبير في النفس.
فسبحان الله فعندما نوثق لحظة سعيدة، سواء كانت نجاحًا صغيرًا أو احتفالًا مع الأصدقاء،فهي مفرحة للنفس، وتنسيك
اللحظات الصعبة والتحديات التي نمر بها.
وأخيراً أقول: يُعتبر توثيق هذه اللحظات أداة قوية لخلق ذكريات جميلة تدوم، وتعيد لنا البهجة عند تذكرها وندعوا بالخير لكل من زرع البسمة على شفاه الجميع.
همسة
أَرْجِعْ زَمَانَ الأَمْسِ مِنْ صَفَحَاتِي
مَا أَجْمَلَ الأَيَّامَ بَعْدَ فَوَاتِ
ذِكْرَى يَعُودُ إِلَى الفُؤَادِ حَنِينُهَا
دَوْمًا إِذَا ذَاقَ الفُؤَادُ أَسَاتِي
زَمَنٌ تَوَلَّى مِنْ رَبِيعِ حَيَاتِنَا
فِي ظِلِّهِ مَا أَجْمَلَ الأَوْقَاتِ
نَلْهُو وَنَمْرَحُ وَالسَّعَادَةُ عِنْدَنَا
مَا أَصْدَقَ البَسَمَاتِ وَالضَّحَكَاتِ
إِنِّي لأَذْكُرُ تِلْكَ أَحلَى لَحْظَةٍ
زَمَنَ الطُّفُولَةِ ذَاكَ زَهْرُ حَيَاتِي
أَتَذَكَّرُ الأَصْحَابَ حِينَ يَضُمُّنَا
لَعِبٌ عَلَى سَاحٍ مِنَ السَّاحَاتِ