سأدخل في الموضوع من باب قصة :-
- سعاد امرأة ذكية تعرف كيف تدبر الأمور في بيتها ، و متزوجة من "سعد" ، و هو أيضاً شخص يتصرف بذكاء ،
لاحظت "سعاد" لما تطلب شيء معين بوضوح : ابغى كذا وكذا ،،، سعد يرفض أو يتردد ،
ولما تخلي الموضوع مفتوح شوي ! وتقول بشكل غير مباشر " أنا ودي نغير جو بس مدري وين نروح " تلقى أبو سعد هو اللي يقترح ويقرر ، وكأنه هو صاحب الفكرة ! .
وسعد: أحياناً لما يبغى يخرج مع أصحابه بدال مايقول أنا بروح مع الشباب يقول : عندي كم شغله بخلصها .
لحظة !!
لا تحكم بناء على تصرفاتهما في هذه القصة ! لم انته بعد …
سعاد موظفة جديدة وطموحة ودائما ً ما تطور من نفسها وترتقي في عملها ، تعطي العمل حقه وواجبه ، وتتعلم وتتطور وتحافظ على علاقاتها مع بدون تعطي إشارات إنها ممكن تترك وظيفتها الحالية ، و لكن تنتظر الفرصة الأفضل ومستعدة للتغير والتطور بدون ماتحرق أوراقها .
وسعد : مدير كبير في شركة ، يتجنب إعطاء إجابة حاسمة عن ترقيات الموظفين أو بعض القرارات الاستراتيجية ، حتى يمنح مساحة للمناورة واتخاذ القرار بناء على تطورات السوق والأداء الفردي .
من القصة يبدو أننا أحياناً لا نختلف عن (سعاد ، أو سعد ) نحتاج في بعض المواقف إلى الحركة الذكية ، سواء في نطاق العمل أو في مجتمع العلاقات إنك : ( ما تكشف كل أوراقك ) ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ) مع صلاح نيتك و مشروعية أهدافك ، ليس لإضمار مكر أو ممارسة خديعة أو تدبير مكيدة ، إنما لتحافظ على توازنك وتزيد من مرونتك ، في سبيل تحقيق أهداف ، و تجعل من الطرف الاخر في تخمين مستمرة .
هو هذا ببساطة معنى الغموض الاستراتيجي : وهو فن أنك تعرف متى تتكلم ومتى تسكت ومتى تقول جزء من المعلومة ومتى تجعلها مبهمة لترك مساحة للمناورة .
إذاً؛ حيلة وخداع !؟ لحظة عزيزي القارئ المتهور ! خلي عندك قليل من :
- "الغموض التكتيكي": حتى تحقق مكاسب قصيرة الأمد ، أو خلي عندك (شوية) "
- غموض تفاوضي" : حتى لا يتم تحديد موقفك بدقة ، أو خلي عندك
- "غموض دفاعي ": لكي تحمي مصالحك من التهديدات المحتملة ، وياسلام لو عندك
- "غموض إبداعي" ؛ حتى تترك خيارات واختيارات مفتوحة وتحفز فيها الابتكار .
كل تلك الـ( أغموض أو غموضيات ) أوجه أو حالات " الغموض الاستراتيجي "
التي تمارس في حياتنا اليومية التي تتسم بالتغير السريع ، والمنافسة القوية ، وهي أداة قد تكون فعالة في التعاملات المهنية والاجتماعية والقرارات الشخصية أو الاستراتيجية .
يستخدم الغموض الاستراتيجي كما يستخدم
- "التخطيط الاستراتيجي": في عملية تحليل وتحديد الأهداف طويلة الأمد ، أو كما يُيستخدم
- "التفكير الاستراتيجي": في تحديد الفرص والتحديات واستشراف المستقبل ، وكما استخدام
- "التكنيك الاستراتيجي" : في الخطوات العملية والإجراءات قصيرة الأمد لدعم الأهداف طويلة الأمد ، وهو إيضاً تستخدم كما يستخدم
-"التكيف الاستراتيجي" ، و "الحوكمة الاستراتجية "وغيرها من أنواع الاستراتيجيات المعروفة المعلنة والخفية .
"الغموض الإستراتيجي" سلاح ذو حدين له أوقات معينة ومواقف محددة يستخدم فيه،
للحفاظ على المرونة ، ويعزز القوة التفاوضية ، وقد يحمي من الضغوط غير الضرورية ، إلا أنه في ذوات استخداماته قد يؤدي إلى نتائج سلبية وفقدان الثقة في حال استخدامه بشكل مفرط ، وقد يتسبب في سوء فهم كبير ، ونقص في الشفافية والمصداقية .
-فن التوازن بين الوضوح والغموض -هو الذكاء و المهارة والأسلوب الناجح للغموض الاستراتيجي . ساء على مستوى الفرد أو المنظمة أو المجتمع ، حيث تستخدمه :- الدول في عدم الإفصاح عن موقف ما حتى لا تعلن التزاماً صريحاً عليها ، ومما يفقد الآخرين القدرة على التنبؤ بخطواتها بدقة .
-المنشآت : كسياسة كما تفعل شركات التكنولوجيا مثل " آبل" حيث تحافظ على سرية تطوير منتجاتها ، لخلق تشويقاً ويمتع المنافسين الاستعداد المسبق لمنافستها .
إذاً/ إذن .. "الغموض الاستراتيجي" : ليس سلوكًا سلبيًا بطبيعته، لكنه سلاح يجب استخدامه بحكمة. عندما يُطبق بشكل مدروس، يمكن أن يكون أداة فعالة في تحقيق الأهداف، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد. ومع ذلك، فإن الاستخدام المفرط له قد يؤدي إلى عواقب سلبية، لذلك يجب تحقيق توازن بين الوضوح والغموض حسب طبيعة الموقف.
في النهاية، هو مهارة وأسلوب يستخدم ! ينحرف إذا اصبح سلوكاً وعادةً دائمة ! ، يدار بذكاء وتوازن،
ويعتمد نجاحه على قدرة الفرد أو المؤسسة على إدارة التوقعات، قراءة المواقف بدقة، وتحديد متى يكون الغموض ميزة ومتى يصبح عقبة.
الذكاء مو إنك تخفي كل شيء إنما أن تعرف ماذا تقول ؟ ومتى تقول؟ وكيف تقول ؟ في سبيل تحقيق اهدافك أو أهداف منشأتك - بتوازن - دون التسبب بارتباك أو إرباك أو فقدان الثقة .
تحياتي ؛
د.عثمان عطا