يعد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله- أهم من انتقل بالتجديد الإسلامي في العصر الحديث ، من إطار التجديد الفردي والمشروع الفكري إلى إطار الدعوة التي اتخذتها دولة في حمايتها ودعم نشرها ، لذا لقيت الدعوة تأثيرا كبيرا واستمرارية مالم تحظ به دعوات التجديد الأخرى.
لقد وقف الإمام محمد بن سعود-رحمه الله- في نصرة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبقي الأمر من آل سعود الكرام إلى هذا العهد الميمون مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله .
ومع مرور الأيام وتكشف البحوث والدراسات والوثائق التاريخية جهود الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية في دعوته إلاى الكتاب والسنة حتى تم العثور على تقرير رسمي عثماني عن بداية ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .
وهو موجود في مكتبة السلطان عبد الحميد الثاني في إسطنبول، مخطوط باللغة التركية العثمانية ، كتبه أحد الأمناء بالقصر العثماني الحاكم ، وكاتب التقرير هو :محمد كامل بن نعمان المعروف بابن درامي الحمصي ، الأمين الخامس في ( المابين) العثماني ، وتاريخ التقرير :٢٧من رمضان عام ١٣١٢هـ ويقع في ١٦٤ صفحة .
و فيما يتعلق بالدعوة السلفية يتعرض كاتب التقرير محمد كامل بن نعمان الحمصي إلى بدء ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، ويذكر بعض صفاته .
وذكر قصة للشيخ محمد بن عبدالوهاب جرت ببنه وبين بدوي ، وذلك ان البدوي ضاعت ناقته فبحث عنها ثلاثة أيام يبكي ويصرخ عند قبر شخص يقال له شيخ سعد ، فوجده الإمام محمد بن عبد الوهاب فسأله قائلا: ماهي مشكلتك ؟فقال له البدوي ( لقد فقدت ناقتي ! فجئت إلى قبر شيخي ، وإن الشيخ سعد لابد وأن يجدها لي ! فسأله الشيخ محمد بن عبدالوهاب قائلا : ( ومن هو شيخك ؟) فقال البدوي : ( هذا الذي يرقد في القبر ) فقال له الإمام محمد بن عبد الوهاب ( ياشيخ !! إنك أنت ، وأنت حي ، تعجز أن تجد ناقتك ! فما بالك بشيخك وهو ميت ؟ كيف يستطيع الخروج من قبره، ليجد لك ما تعجزه أنت في العثور عليه .دعك من هذا الميت ، واطلب العون والمدد من الله بدلا من أن تطلب المدد من هذا المدفون تحت الحجارة، وقد أصبحت مجموعة عظام، لاتطلب ناقتك من سعد ، بل اطلبها من رب سعد ، لا تقل : (ياسعد !)بل قل : يارب سعد ، فإن القادر على أن يجد ناقتك ، ليس سعدا وإنما رب سعد ، ذلك لأن الله عزوجل هو القادر على كل شيء )
والمملكة العربية السعودية اليوم تحمي هذه الدعوة المباركة وتدعمها من خلال جهاتها الحكومية والخاصة، ومنها وزارة الشؤون الإسلامية التي اختار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله - معالي وزير الشؤون الإسلامية الدكتور الشيخ عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ -حفظه الله- ليتولى أمرها ، فقام بجهود كبيرة يشهدها القاصي والداني.
وهو امتداد من أسرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، تلك الأسرة العلمية المباركة التي اشتهرت بالعلم والثقافة والمعرفة على ممر الأيام والأزمان .
بقلم الشيخ : نورالدين محمد طويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي. شمال باريس في فرنسا