بالأمس القريب تداول بعض المغردين في منصة اكس شعار لوحة ترحيبه في منطقة الباحة ترمز لبعض لهجات أهل المنطقة ، والجميل منا جميعا حين نبّرز هوية المنطقة بكل أبعادها وجمالياتها وخصوصا الثقافة ببعديها المادي والمعنوي ، ومن الضرورة بمكان أن تبرز وتتصدر المشهد مثل هذه السمات الثقافية لأننا من خلال الثقافة نتعلم كل ما يحيط بنا من فنون وأثار وعادات وتقاليد ولهجات وغيرها من جملة الثقافات المختلفة في المنطقة ، واستتباعا لذلك ولكي لا نقع في دائرة الخطأ أو الاجتهاد الفردي دون دراسة تمكننا من معرفة الواقع وتخدم كل الأبعاد الثقافية عند تخصيص شعارات من وحي البيئة الاجتماعية ، لكي يتناسب الشعار فيما يخصه ويتعلق به وكذا يعزز دلالاته بالوجه الصحيح ويتماهي مع وقع إيقاع النمط السائد لكي يحقق أهدافه المرجوة، ولأننا من خلال هذه الثقافات المتعددة في المنطقة نهدف إلى رسم هوية كما هي أهداف الرؤية وتطلعات القيادة وكما هي هموم سمو سيدي الأمير حسام يحفظه الله ، ولا يمكن أن نحيط بثقافة مقننة وموجة دون تضافر الجهود من قبل فريق عمل يعرف الدلالات والمعاني للهجات الباحة وما ظهر في اللوحة التي انتشرت عبر الوسائط الرقمية والتي اتضح لنا أنها غير موجودة في الواقع ولم تتبناه أي جهة في المنطقة وإنما هو اجتهاد من قبل ناشطين يهدفون إلى تعزيز الجانب السياحي ويحفلون بالعمل الإعلامي لخدمة هذا الجزء الغالي من الوطن ، ونحن نقدر لهم هذا الجهد الذي يتسع لتطلعاتهم الوطنية ، والجملة التي ظهرت في اللوحة هي من صميم لهجات أهل الباحة وهي عبارة فصحية في مفرداتها وفي دلالة جملتها ، نحن هنا لا نتحدث عن فصاحة الكلمات بل نتحدث عن سياق الخطاب هل هو متعلق بشعار ترويجي لموسم سياحي كبير ويستهدف سياح على مستوى منطقة الخليج وربما العالم كما هي تطلعات رؤية الوطن ؟ فإذا أخذنا بعين الاعتبار توجهات الرؤية ، وقربنا من منطقة مكة المكرمة حال توافد الحجاج في موسمه، والمعتمرين طوال العام فإننا نحتاج إلى شعار شمولي وليس هذا الشعار الذي يستهدف فئة دون أخرى ، فالكلمة دالة المعنى وما جاء في سياق تلك الجملة يوحي بالصوت النسائي ولحالة معينة محدودة وضيقة وقد يوظف في سياق أخر ويستفاد منه وليس شعارا نوصل به هوية ونجاح مرتجى لجهود كبيرة يقف خلفها كثير من النبلاء والمهتمين بالعمل المتميز والنوعي ، هذا هو المقصود من ردود الأفعال التي اختلفت مع الصيغة والسياق الذي أتت فيه وليس لأنهم يستحون أو يتوارى البعض من لهجة المنطقة أو حتى ينتقص حق المرأة فالمرأة شقيقة الرجل ولا يمكن أن تكون الحياة دون المرأة فالوجود برمته يحمل صفة الأنثى والحياة هي الأخرى تتماهي مع هذا اللفظ وكلنا نتطلع إلى مستقبل بعيد تحت أقدام المرأة (الجنة تحت أقدام الأمهات )، وفي منطقة الباحة تداخلت المرأة بوعي مع كل الأنساق الثقافية كالحلي والأزياء وتميزت عن غيرها ، وتعاطت مع الطبيعة وشكلت باقة من النباتات العطرية ذات الروائح النفاذة ولا تزال متداولة بين النساء ومنحتها حالة من الذوق وتجليات من الجمال
اليوم ومع تطلعات القيادة العليا وفقها الله تؤكد على إن هناك هوية لكل منطقة ولابد أن تبرز وتتمثل كعلامة نائرة في الوجود تمتاز به كل منطقة وربما لاحقا سوف يشكل الشعار علامة تجارية يسجل في وزارة التجارة والغرف التجارية بالرمز الضريبي الأمر الذي سوف يشكل البعد الاقتصادي مع علامة الجودة لكل منتج وتبعاته الاقتصادية بالضرورة تنعكس على المنطقة ، ومن هذا المنطلق يفترض أن نسعى إلى تخصيص وتعيين كل شعار فيما يخصه ويستحقه ونحفز لذلك ونجعل منه علامة مستقلة وأيقونة بارزة في المنطقة وهنا تتشكل الهوية وتكون ذات معنى ودلالة أما هذا الشعار (يانافدا من بدا) نحن لا نرفضه على الإطلاق ولكن من هذا المنبر ندعوا كل القائمين في المنطقة وخصوصا الأمانة أن يوظف في جهة أخرى ودون أدنى شك سوف يحقق نجاح وتستهويه فئته المستهدفة ، لان من تداعيات الهوية الثقافية هو فهم الواقع والعلاقات المختلفة وتداخلاتها ، الأمر الذي يمكننا من إبراز الوجه الثقافي والحضاري للمنطقة في كل ما يحيط بنا لنساهم من خلال ذلك في الإثراء المعرفي وبناء الوعي نحو هوية ثقافية وبكل تداعياتها . والى لقاء