العمل الخيري والذي نظمته الدولة بمسمى جمعيات البر الخيرية لتكون قنوات وصل بين المحتاجين والمتعففين وفاعلي الخير وفق انظمة وضوابط تحدد العلاقة بين الشرائح المستفيدة والجمعيات على امتداد ارجاء الوطن.
صحيح أن السعوديين وفاعلو الخير ينفقون على الاعمال الخيرية مليارات الريالات سنويا يصب أغلبها عبر قنوات جمعيات البر الخيرية وجمعيات ومؤسسات النفع العام الأخرى والمتخصصة بمجالات طبية وخدمية واجتماعية وجميعها حملت على كاهلها أمانة توصيل تلك المساعدات والتبرعات المليونية للمستحقين في صورة تعكس القيمة المثالية للتكافل الاجتماعي المستمد من ثوابت عقيدنا وتطبيقا لنهج قيادتنا في اتاحة الفرصة لمؤسسات العمل المدني بأداء رسالتها على أكمل وجه.
على سبيل المثال لا الحصر وكعادتنا في مستهل شهر الخير من كل عام تبادر الجمعيات الخيرية وجمعيات النفع العام بإعلان عزمها على تقديم سلال غذائية للأسر المحتاجة وتقديم وجبات تفطير للصائمين سواء بالمساجد او بمخيمات وحتى على طرق السفر وغالبا تعلن تلك الجهات عن اعداد كبيرة وتتسابق المطاعم بتقديم عروض لتلك الجهات علها تفوز بغنيمة في كعكة تفطير الصائمين .
في مركز الحريضة على الساحل الشرقي للبحر الأحمر والتابعة لمحافظة رجال ألمع بمنطقة عسير بدت الصورة مختلفة تماما فالخير الذي يجلبه رمضان والفوائد والعوائد المالية التي يغدقها أهل الخير لن تنفق عبثيا لتقديم وجبات بقيم غذائية منخفضة أو تنفق بدون أن تكون ذات قيمة مضافة للمجتمع المستفيد.
إدارة الجمعية وأقصد " بر الحريضة " رسمت سياسة غير مسبوقة ( أعترف أن شيخوختي لا تستذكر تجربة مماثلة ) وتتلخص في ابتكار برنامج أسندت ادارته لمديرة المشاريع بالجمعية وصاحبة الفكرة الأستاذة عقيلة الشديدي وفريق عملها بأن اخذت بيدي الأسر المستفيدة من خدمات الجمعية وأوكلت لخمسة عشر أسرة اعداد وجبات تفطير صائمين لخمسة عشر أسرة ليس لديها من يعد لهم افطارهم إما لعجز أو مرض أو وفاة ربة البيت، هذا المشروع بحد ذاته قمة في التكامل الاجتماعي وصورة من ابهى صور العمل الانساني والأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل استعانت الجمعية ( وأعني بر الحريضة ) بأبناء وبنات الأسر المستفيدة بأن عقدت لهم ورش عمل وتدريب وتأهيل للاستفادة من سوق المأكولات الرمضانية ومساعدتهم ليكونوا أسر منتجة ليستفيدوا من العوائد المالية العالية لهذا النوع من المهن بل أن الجمعية تنسق نيابة عن تلك الأسر مع الجهات الحكومية المعنية بتراخيص مزاولة المهن .
اثنى عشر ألف وجبة تفطير صائمين اعدتها الأسر المنتجة في رمضان الماضي تم توزيعها لتفطير الصائمين حسبما نشرت ذلك صحيفة الانباء العربية ( آن ) https://aan-news.com/310753.html/ بتاريخ 24/ 3/ 2023 م عمل كبير وجبار ذهبت تكاليفه لأسر سعودية متعففة من المسجلين لدى الجمعية ، والأجمل أن عرض تجربة الجمعية اثناء مشاركة الجمعية في المعرض الدولي للجمعيات غير الربحية بالرياض لفت الانتباه ونال الثناء لدرجة طلب تعميمها.
بعد هذا وللأمانة وبكل تجرد اجزم بأن ما اقدمت عليه جمعية البر بالحريضة عمل خلاّق وغير مسبوق ويستحق أن يكون انموذجا يحتذى بل تُلزم به جميع جمعيات البر الخيرية بالمملكة والتي يجب أن تتجاوز سياسة التسمين بمليء البطون واسكات الافواه بسلال غذائية وكساَ موسمية متواضعة الجودة والارتقاء بالعمل الخيري لبناء الانسان بالتدريب والتأهيل والدعم ليقف على قدميه وليتحول من مستفيد إلي داعم .
شكراً مددا لرئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية البر بالحريضة ولكل العاملين والعاملات بها وللمتطوعين.
.
.
*كاتب ومحلل سياسي