الساعة الثالثة عصراً تفتح الجنادريةُ أبوابها لتستقبل عشاق الزمن الجميل و الأصالة و التاريخ بوطننا الغالي ، لتتبع الخطى نداءات القلب و دعوات الفؤاد، ( أين بيت الباحه ؟) سؤالٌ اتعبت إجابته حناجر المنظمين في المهرجان ، لأن الجميع يريد بيت الباحة ليستكشف الجمال و يتلمس التميز ، فبكل فخر كوني من أبناء الباحه فقد رصدت العديد من الأصداء الرائعة للزوار و إعجابهم بما شاهدوه من تراثٍ عريق يعكس شخصية الرجل الجنوبي بثوب الأصالة و أناقة الحاضر... الحان مختلفة ، و شعر العرضة الذي اكتمل جماله بوصف الباحة و أميرها و صفات أهلها ، و استقام وزنه بحب الوطن و الولاء لقادته .. ليتشارك الحاضرون مع الفرق الشعبية الرائعة ذلك الحب من خلال تفاعلهم مع الرقصات الشعبية و ترديد الأبيات و استشعار المسؤولية ، مع ابتساماتٍ لا تفارق محياهم و هم يستنشقون عبير البارود المتطاير من أفواه بنادق العز و الشرف لغامد و زهران .
أجنحةٌ أخرى لا تقل جمالا و لا تنظيما . فالفعاليات النسائية و دار السينما و جامعة الباحة و أصناف المأكولات و الملابس الشعبية كلها كانت محل إعجاب وإمتاعٍ لكل الزائرين . بالاضافة الى كرم الضيافة للزوار ، فهم لا يشتمون ألا العود المعتق و الهيل المتبختر في دلال الجود و فناجيل الكرم ، بالإضافة إلى أصناف التمور المغمس في محاجر السمن البلدي و صحاف الخبزة الجنوبية المشتاقة لعسل السدر و حنيذ تهامه.
و كم تمنيت و أنا أتجول في جنبات هذا البيت المميز أن يكون هناك تجسيداً مبسطا للحياة المرة اللذيذة و التي عاشها الآباء بدءاً من حرثهم للأرض و حصدهم و أهازيجهم الحماسية ، و كيفية تخزين المحصود و طريقة العمل بالرحى و أدوات الطبخ و الإعداد، و استقبال الضيوف ، و علوم السيرة و الديرة، و ما أجملها من لحظات لو وجد الأطفال الزائرون لبيتنا العاباً شعبية بسيطة ليتعلموا منها كيف أننا نستطيع أن نصنع الفرح لأنفسنا بالقناعة و الرضا بعيداً عن تعقيدات الحياة و حبال تقنيتها .
ليلتان و أنا أتابع بعين الغيرة و الحرص على سمعة منطقتي فو الله إني وجدت رجالاً أكفاءً مثلوا المنطقة خير تمثيل كلاً فيما يخصه من مهام لأرى حركة انسيابية و تناغمٍ بين ذلك الفريق الشاب ، الذي يشعر أن الزائر ليس لبيت الباحة بالجنادرية و إنما لبيته الخاص بين أهله و عشيرته. و على رأسهم سمو أمير المنطقة و وكلائه و رئيس الوفد و نائبه و جميع العاملين بالمهرجان دون استثناء.
همسة حب لسمو أمير المنطقة ( بيت الباحة يُعتبر أصغر مساحة و أضيق مكاناً من بقية المناطق .. مما أعاق بعض الفعاليات و تسبب في وجود تزاحمٍ كبير نظراً للأعداد الكبيرة للزائرين ) فهلا ّ يا صاحب السمو تسعدنا في العام القادم بمقرّ أكثر اتساعاً و أوسع نطاقاً .. كي يستوعب أضعاف الزائرين في العام القادم الذي سيكون بتوجيهاتكم أجمل إعدادٍ ، و أكثر متعه بقوالب سياحية جذابة لتكون أصدق سفيرٍ لأنسان الباحة بعراقة ماضية و جمال حاضره و ازدهار فكره و رقي تعامله .
1 comment
1 ping
Fooz alghamdi
12/01/2019 at 3:12 م[3] Link to this comment
رأئع استاذ هاشم ابدعت بمحتوى المقال جملةً وتفصيلاً بالكلمات والصور وزاد الابداع حضورك لمهرجان الجنادريه ????