في اليوم الوطني الخامس والتسعين، يقف السعوديون أمام ذاكرة وطنية عريقة بدأت من قلب نجد، حيث رفع الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه – راية التوحيد، فوحّد أرضًا شاسعة ونسج بخطاه الأولى خيوط المجد الذي لا يزال حاضرًا حتى اليوم. لم يكن التأسيس مجرد وحدة جغرافية، بل انطلاقة لمسيرة قيمٍ متجذرة صنعت شخصية الوطن، لتبقى الأجيال اللاحقة أمينة عليها، وتحملها نحو المستقبل برؤية واضحة وأفق طموح.
تأتي الهوية البصرية لليوم الوطني الـ95 تحت شعار "عزّنا بطبعنا" لتجسد هذا العمق التاريخي وتربطه بحاضرٍ متجدّد. فالشعار ليس مجرد عبارة، بل هو انعكاس لصفات أصيلة عاشها السعوديون جيلاً بعد جيل، قيم تتجلى في الكرم والأصالة والطموح والجود والفزعة والرؤية. هذه القيم ليست مكتسبة، بل مطبوعة في الشخصية السعودية، وهو ما يجعل العزّ سمة متأصلة وليست حالة طارئة.
الهوية البصرية صُممت بلغة جمالية عصرية، جمعت بين الخط الهندسي والزخارف المستوحاة من فنون النسيج التقليدي السعودي، لتعكس وحدة الشكل وقوة المضمون. أما الألوان فقد استُلهمت من بيئة الوطن، بين خضرة النماء ورمال الصحراء وسمو الجبال، لتؤكد على تجذّر الهوية في أرضها وارتباطها بالبيئة الطبيعية والثقافية. هذه الهوية البصرية تقدم نفسها للعالم باعتبارها صورة جامعة بين الماضي والحاضر، وأداة للتعبير عن ثقة وطن يتجدّد باستمرار
ولعل أبرز ما يميز هوية هذا العام هو اعتماد ستة رموز أساسية، كل واحد منها يعكس طبعًا راسخًا من طباع أبناء الوطن. فجبل طويق رمز للطموح الذي لا ينكسر، والدلة والفنجان تجسيد لكرم الضيافة المتأصل، والشجرة الجذور دليل على الأصالة الممتدة بين الأجيال، وإشارة اليدين المتقاطعتين رمز للفزعة والتكاتف، فيما يعكس النمط الإشعاعي المستوحى من رؤية 2030 وضوح المستقبل وامتداد مسار التحول. هذه الرموز ليست مجرد رسومات، بل أدوات سرد بصري لحكاية وطن يعتز بماضيه ويصنع مستقبله.
على المستوى التحليلي، تحمل الهوية البصرية أبعادًا متعددة. فهي سياسيًا تتماهى مع مسار رؤية 2030 الذي يرسّخ موقع المملكة كلاعب دولي فاعل، وثقافيًا تستدعي الرموز الشعبية لإبقاء الارتباط حيًا بين الأجيال وتراثها، واجتماعيًا توصل رسالة واضحة بأن عز المملكة ليس مستوردًا ولا مكتسبًا بالقوة، بل نابع من طبع شعبها. أما بصريًا، فهي تمثل مزيجًا متوازنًا بين الحداثة والهوية، يقدّم صورة وطن قادر على الجمع بين الأصالة والتجديد.
اليوم الوطني الـ 95 بهذا الشعار والهوية البصرية المتكاملة، يعلن أن العزة السعودية ليست ذكرى مرتبطة بالماضي فقط، بل مشروع مستمر يتجدد مع كل جيل. إنه احتفال يترجم الثقة الوطنية، ويرسّخ أن المملكة تدخل عقدًا جديدًا وهي أكثر ثباتًا وطموحًا، مستندة إلى قيمها الأصيلة، ومتجهة نحو مستقبل تصنعه بإرادتها ورؤيتها. إنها مناسبة لتأكيد أن العزّ في السعودية ليس شعارًا مؤقتًا، بل طبيعة متأصلة اختصرها الشعار في عبارة واحدة "عزّنا بطبعنا".