في عصرنا الحالي، الذي يشهد تطورًا هائلًا في مجالات التقنية والاتصالات، قد يبدو أن القراءة التقليدية باتت تحت تهديد كبير. ولكن في الواقع، تظل هذه العادة أحد الأنشطة الأساسية التي تساهم بشكل كبير في تطوير الفرد والمجتمع، ولها أهمية خاصة في زمن التقنية الرقمية.
تعد القراءة وسيلة فعّالة لتعزيز التفكير النقدي. في حين تقدم التقنية الرقمية كميات هائلة من المعلومات بسرعة فائقة، تساعد على تنقية هذه المعلومات وفهمها بشكل أعمق. تُمكن الأفراد من تحليل النصوص والتفكير بشكل نقدي ومنهجي، مما يعزز قدرتهم على التفكير المستقل واتخاذ القرارات المبنية على المعرفة. بالإضافة إلى ذلك، تسهم في تحسين مهارات اللغة والفهم والاستيعاب، مما يعزز قدرات الفرد على التعبير بشكل أفضل وأكثر دقة.
وفي ظل الانتشار الواسع لاستخدام الأجهزة الرقمية والرسائل النصية المختصرة، قد تتراجع مهارات اللغة والتعبير لدى الأفراد. إلا أن القراءة تسهم في تعزيز مهارات اللغة والفهم، كما تعمل على تحسين القدرات التعبيرية. وتتطلب هذه العادة من الفرد الانغماس التام في النص، مما يساعد على تقوية القدرة على التركيز لفترات أطول. كما أنها تساعد في تقليل التشتت والانشغال الدائم بالأجهزة الرقمية، مما يعزز التركيز والانتباه.
وتظل القراءة وسيلة ممتعة ومفيدة للترفيه والاسترخاء، على الرغم من توفر العديد من وسائل الترفيه الرقمية. حيث تأخذ القارئ في رحلات خيالية وعالمية ممتعة، وتوفر له فرصة للهروب من ضغوط الحياة اليومية. كما تشجع على التعلم المستمر، فهي الطريقة التقليدية والأكثر فعالية لاستيعاب المعرفة بشكل مستدام. الكتب والمقالات العلمية والأدبية توفر قاعدة واسعة من المعلومات التي تساهم في تطوير الفكر وتوسيع الأفق.
وعلى الرغم من التطور الرقمي الهائل، تبقى القراءة نشاطًا لا غنى عنه. فهي تعزز التفكير النقدي، وتحافظ على اللغة،و تعزز التركيز، وتوفر الترفيه، وتشجع على التعلم المستمر. ولذلك، يجب علينا أن نحافظ على هذه العادة القيمة ونعلمها للأجيال القادمة لتكون جسرًا يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل. والقراءة تساعدنا على بناء مجتمع واعٍ ومثقف، قادر على مواجهة تحديات العصر الرقمي واستغلال الفرص التي يوفرها بطريقة أكثر حكمة وإبداع.