يأهل العلم والمعرفة بالثقافة، تعلمنا إن الوفاء من شيم العرب الذين كانوا يتسمون بها على مر العصور، وعند كلمتهم ووعدهم، لكن في الوقت الحاضر ربما اختلف الأمر كثيراً، حيث وجد بيننا أشخاص وكأن هذا الخلق الجميل الموروث من الآباء والأجداد تلآشى ولا يعنيهم بشيء، خصوصاً الوفاء بالدين، فنرى البعض منهم يستدين من الآخرين مبلغاً من المال وفي نيته عدم السداد ومما جعل هذا السلوك طبعاً غير حميد، وبعضهم ربما تثقله كثرة الالتزامات المالية فتجعله يقرر التنكر لها والإتجاه لطرق ملتوية للكذب والتنكر والعياذ بالله من قلة أصلهم، فهؤلاء الأشخاص غير الأوفياء في نظري يعطون طابعاً سلبياً للبقية الناس بعدم الإقراض لأي شخص، وخاصةً وأن بينهم وعد متفق بينها للسداد في وقت محدد، قال تعالى
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}.
إذاً ماذا جلبت لنا هذه الطباع الخسيسة مع الأسف صداقات انتهت إلى الأبد وصلة أرحام وروابط أسرية انقطع وصلها بسبب قضية عدم الوفاء بالدّين، حيث أصبحت إحدى المُشكلات التي تؤرق العديد من أفراد المُجتمع، خصوصاً بعد أن لجأ المستدينون إلى اتّباع العديد من الحيِل والأساليب الملتوية بهدف إنكار الدّين والتنكر لصاحبه ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم بهذه الجرأة أصبح في زمننا هذا الوفاء بالدّين نادراً جداً من الأشخاص الذين يلجؤون إليك لاستدانة مبلغ مالي لوقت محدد ثم يعيدونه، إلاّ أنه عندما يأتي وقت إعادته تجدهم يتهربون منك بالرغم فك عنك ضائقتك المالية، والآن لا يردون على اتصالاتك أو رسائلك، بل إن البعض أصبح يتهرب من لقائك أو مواجهتك، فالمشكلة في رأي أصبحت تحتاج إلى إعادة نظر في من تُدينهم ومن لا تُدينهم حتى لا تخسر كثيراً من المال وكذلك كثير من الأصدقاء.
والغريب جداً أن كثيراً من الأشخاص منهم القريب ومنهم الصديق ومنهم زميل العمل يستدين منك مبلغاً مالياً لكن بعضهم للأسف ماطل في إعادته، بل ولم يكن وفياً في رد الدين، والإنسان بطبعه خجول يستحي أن يطلب من الشخص أن يعيد له الدين، خصوصاً عندما يكون من الأقارب أو من زملاء العمل، أو أيضاً من الأصدقاء العزيزين عليك ولكن للأسف منهم كلحين، لكنها الحياة تلقنك درساً لن تنساه،ومن المخجل يقول لي صديق، زميله طلب منه سلفه فقال له أعطيك ولكن بشرط تسلم على يديّ واعطيك المبلغ فقال له لماذا قال عندما تتأخر بالسداد انا أقوم بالسلام علي يديك ورأسك لكي ترجع السلف وهذا اعتبرها من الفكاهة من صديقه، وجائت الأيام وتأخر اخونا عن السداد وماطل كمثل كثير من المماطلين، فذهب إليه وقبل يده ورأسه ليعيد له المال ولكن مع الأسف عند الفلوس تتغير النفوس،{ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾
وأخيراً مذكرا لمن يماطل في السداد أوينوي عدم السداد والتنكر فأقول إحذروا من الدَّين، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما رفض الصلاة على من كان بذمته دين؛ لينبه الأمة على خطورة الدين لِما فيه من المفاسد على مستوى الفرد والمجتمع، والإسراع في سداده من قبل فوات الأوان،فالإنسان مهما عمل من الطاعات لن يدخل الجنة ما دام بذمته دين.
اخي الغالي والله يكفي هذه الأدلة النبوية المخيفة ومنها:عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ)
سبحانك ربي فإذا كان الشهيد الذي بذمته دَين لا يدخل الجنة حتى يقضى عنه دَينُه، فكيف بحالنا أيها المماطلين فألموت أقرب؟
ومنها أيضاً:فيا من تتساهلون بالديون، وتأخذون أموال الناس، وأنتم لا تريدون السداد والوفاء، اسمعوا إلى نبي الأمة صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ)
فيا أيها الغالي الأيام تمضي سريعاً والموت يأتي بغتةً ونسمع بموت الفجئة، نعم والله الدّين همٌ بالليل وذلٌ بالنهار، فهل أجتهدت من أجل تلافي الهم والذل؟
عزيزي المماطل فإياك أن تتساهل في الدين، وليكن همُّك قبل أن تنام أن تفكر دائمًا في سداد الدين، من قبل أن يأتي اليوم الذي ستترك فيه مالك كله، وستتمنى أن تعود إلى الدنيا؛ لتعطي كل ذي حق حقه وساعتها لاينفع الندم فخذها من محب وأستجب.
*همسة*
ما هو غريب الطيب من راعي الطيب
ولا هو غريب أهل الردى ينكرونه
الجاحدين أبطال زيف الملاعيب
اللي يدور بروسهم يلعبونه