مازال التقدم العلمي يبهرنا كل يوم بل كل دقيقة وكل ثانية بما يقدمه من اختراعات واكتشافات مذهلة، لتسهيل حياة البشر، وحل المشاكل المستعصية، وكذلك الأمراض الفتاكة، وأحد أبرز هذه الإختراعات الطباعة ثلاثية الأبعاد ، فتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد 3Dprinting)) من التقنيات المتقدّمة، والتي ستشاهم بتغيير وجه مستقبل الصناعات في العالم؛ فقد دخلت بقوةٍ في كثير من المجالات، وتباينت تطبيقاتها المدهشة، واستفاد منها المجال الطبي كغيره من المجالات، خصوصاً في صناعة الأعضاء؛ فصارت الأعضاء البشرية المطبوعة حقيقة واقعة؛ فالأذن أمكن طباعتها، وكذلك المفاصل، حتى الشرايين والأوعية الدموية والأعضاء الداخلية والأطراف الإصطناعية . وتم تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد بشكل مُتسارع في عدة سنوات ، وأحد أبرز هذه التطورات الطباعة رباعية الأبعاد، والتي تُشكل طفرة في الطباعة ثلاثية الأبعاد ذاتها حيث أضافت البعد الرابع وهو الزمن.
تهدف هذه المقالة إلى تعريف القارئ بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والطباعة رباعية الأبعاد وما يرتبط بها من تقنيات وما يترتب على ذلك من تطبيقات متنوعة في شتى المجالات.
تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing) مفهوم الطباعة ثلاثية الأبعاد الطباعة ثلاثية الأبعاد هي تقنية مبتكرة تمكن من إنشاء المجسمات من خلال نموذج رقمي. حيث تعمل على أخذ النموذج الرقمي، وترجمته إلى سلسلة من شرائح أفقية في لغة الآلة، ثم طباعته عن طريق إضافة طبقات متعاقبة ودقيقة جداً (لا يتجاوز سمكها أجزاء من الميليمتر) من المواد حتى يتم إنشاء المجسم ثلاثي الأبعاد باستخدام عدد من التقنيات المختلفة.
الفرق بين الطباعة العادية و الطباعة ثلاثية الأبعاد
الطابعة العادية تضع الحبر على الورق. بيمنا تقوم الطابعات ثلاثية الأبعاد، بوضع طبقات من مواد معينة فوق بعضها البعض لعمل أو لطباعة مجسمات فعلية فهي تقوم بمحاكاة أي نموذج ثلاثي الأبعاد أو مجسم لتكون صوره طبق الأصل منه.
مميزات تقنية الطباعة ثلاثية الأبعا إن من أهم المميزات للطباعة ثلاثية الابعاد هو سهولة تعديل التصميم مما يعني تكلفة أقل بالنسبة للأشكال المعقدة والتي ربما يحتاج الواحد إلى إعادة طباعتها. كما أن نظام الاسترجاع المتكامل للخامات يساهم قي خفض التكاليف لهذه التقنية مما يساعد في انتشارها واستخدامها في شتى المجالات. كما أن أحد أهم مميزاتها أنها قادرة على طباعة أي شكل مهما كان معقداً في تصميمه ولا يوجد حدود لمدى تعقيد التصميم.هذا بالاضافة إلى ما توقره من امكانية الحصول على أجزاء كبيرة الحجم، والأجزاء البارزة، وكذلك الأجزاء المتداخلة.
تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد تختلف التكنولوجيا المستخدمة في الطّباعة ثلاثيّة الأبعاد من طابعة إلى أخرى من ناحية آلية العمل والمواد المستخدمة فيها ويمكن الطباعة باستخدام البلمرة الضوئية Vat Photopolymerisation))، الطباعة النقطية (Material Jetting)، و الطباعة باستخدام المادة اللاصقة (Binder Jetting)، و الطباعة باستخدام بودرة الطباعة (Powder Bed Fusion)، و الطباعة باستخدام الشرائح Sheet Lamination))، وكذلك الطباعة باستخدام الطاقة الكهربائية الموجهة Directed Energy Deposition
تطبيقات الطباعة ثلاثية اﻷبعاد واستخداماتها
فى مجال الطب أصبحت الطباعة ثلاثية اﻷبعاد تستخدم بكثرة في مجال الطب من خلال التشخيص في طباعة الجزء المصاب ليتحول إلى مجسم ملموس وتشخيص اﻷمراض اﻷكثر تعقيداً مثل السرطانات، وكذلك و في علم اﻷجنة يتم اﻵن طباعة الجنين للكشف الدقيق والكشف المبكر عن التشوهات.
كما أنها يمكن أن تستخدم لبناء نماذج اﻷجهزة التعويضية واﻷطراف الصناعية بحيث يمكن تصنيع أطراف صناعية وأجهزة تعويضية أقل تكلفة من الطرق التقليدية ما يمكن استبدال العظام التالفة والمتآكلة وكذلك المفاصل. ويمكن أن يكون لها دور قاعل قي أمراض القلب والأوعية الدموية حيث أن العمليات الجراحية للتشوهات المعقدة في بنية القلب ستستفيد كثيراً من الطباعة الثلاثية الأبعاد؛ إذ يمكن إعداد نماذج شبيهة لما هو لدى قلوب المرضى، ثم يكون التدخل الجراحي أكثر فاعلية، ونسبة نجاح العملية أكبر. ولا شك أن أحد أهم مجالاتها الطبية هو في طب الأسنان حيث تمتد تطبيقات الطباعة الثلاثية الأبعاد إلى طب الأسنان من خلال إنتاج أسنان أقرب كثيراً إلى الأسنان الطبيعية، وتقلّ نسبة رفض الجسم لها.
وقد ظهرت للطباعة ثلاثية الأبعاد تطبيقات في التعلم والتعليم بحيث يتم طباعةُ مُجسَّمات تعليمية لتشريحها بدلاً منِ الأجسام الحقيقية و الدراسة عليها وكذلك بدأت تظهر كتب تعليمية ثلاثية الأبعاد.
الطّباعة الدوائية
ساهمت الطباعة ثلاثية الابعاد في طباعة أقراص الدواء باستخدام الطباعة النقطية (Material Jetting)، حيث يطبع المجسم في صندوق من البودرة مصنوعة من الدواء نفسه المراد تصنيعه، وما تمتاز به هذه التكنولوجيا عن غيرها ، أن الأقراص المطبوعة تكون مسامية أكثر، مما يسهل ذوبانها وامتصاصها ويزيد من فعاليتها، مما سوف يساهم في تقليل تكاليف إنتاج الادوية مستقبلا. كما أن صناعة اﻷجهزة الطبية يمكن أن تكون أحد التطبيقات التي تستخدم الطباعة ثلاثية اﻷبعاد لصناعة اﻷدوات الجراحية واﻹلكترونيات الطبية.
- منتج مخصص لكل مريض
تقوم المستشفى بجمع البيانات الخاصة بالمريض، مثل صور كسور العظام، وترسل هذه البيانات عن طريق الإنترنت إلى أحد مصنعي الأدوات الطبية المعتمدين في العالم ، ليقوم بتصميم النموذج بناءً على البيانات المعطاة وطباعة هذا النموذج وإرساله أو بيعه إلى المستشفى مرة أخرى.
- الطباعة العضوية
في هذه التقنية حاول العلماء والمطورون طباعة خلايا حيّة، حيث تطبع هذه الخلأيّا لتخرج في وسط هلامي أو وسط سكري طبقة تلو الأخرى حتى يكتمل الشكل النهائي، وقد يحتوي هذا العضو المطبوع على الأوعية الدموية.
- طباعة أنسجة حية
طور باحثون من (جامعة أوكسفورد) في بريطانيا طريقةً للطباعة ثلاثية الأبعاد للأنسجة والأعضاء بتفاصيل أكثر ودقة أعلى وتكامل أفضل للبنى. إذ ستتيح التقنية الجديدة الطباعة ثلاثية الأبعاد للغضاريف والأنسجة الأكثر تعقيدًا، لاستخدامها لإصلاح أو استبدال الأجزاء المتضررة من الجسم.
فى مجال الفضاء
الطباعة ثلاثية الأبعاد لم تنتشر على الأرض وفقط، بل غزت الفضاء أيضاً، حيث قامت وكالة الفضاء الدولية ناسا بتوفير طابعة ثلاثية الأبعاد على متن سفن الفضاء وذلك لاستخدامها في إنتاج الأجزاء الصغيرة التي قد يتطلبها الأمر أثناء وجود رواد الفضاء في المناطق منعدمة الجاذبية، وبناء أدوات لهم بدون أي مشاكل، وذلك لتساعدهم في إنجاز المهام الموكّلة لهم بسهولة ويسر.
فى مجال النماذج الإختبارية
يستخدم المعماريون اليوم الطباعة ثلاثية اﻷبعاد في تصنيع نماذج مصغرة لمشاريعهم اﻹنشائية. يعتبر تصميم نموذج للاختبار والتجربة من اﻷشياء المهمة جدا في تطوير جميع الصناعات.
فى المتاحف
يمكن بواسطة الطباعة ثلاثية الأبعاد صناعة نماذج طبق الأصل في الشكل واللون للتحف الأثرية بغرض الحفاظ عليها في حالة تآكل الأصل أو ضياعه . يمكن في تلك الصناعة أيضا تصغير النموذج الناتج.
تقنية الطباعة رباعية الأبعاد (4D Printing)
مفهوم الطباعة رباعية الأبعاد القدرة على إنتاج مواد وأشكال يمكنها تغيير شكلها مع مرور الزمن أو تجميع نفسها بنفسها دون تدخل خارجي، وذلك باستخدام طابعات سهلة الإستخدام وذات تكلفة منخفضة.
الفرق بين الطباعة ثلاثية الأبعاد ورباعية الأبعاد
الطابعات ثلاثية الأبعاد( 4D) تنتج أشياء ثابتة الشكل والبُنية، بينما تسمح الطباعةرباعية الإبداع بطباعة أشياء تستطيع تغيير شكلها وبُنيتها مع الزمن مما يضيف البعد الرابع وهو الزمن.
كيف تعمل الطباعة رباعية الأبعاد؟
تعتمد الطباعة رباعية الأبعاد على مبدأ الضغط، الذي يعرف باسم (tensegrity)، وهو نظام يُمكن الهيكل الخفيف أو القوي من التغير عند تعرضه لطاقة خارجية، ما يسمح بتغيير شكل المجسم المطبوع بالاستناد إلى التوازن بين أجزائه، فضلاً عن اعتماد دعامات مسطحة صممت لتكون جوفاء مع فتحة ضيقة تمتد على طول الأنابيب، ما يسمح لها بتغيير شكلها عند التعرض لمحفزات خارجية.
تطبيقات الطباعة رباعية الأبعاد تستخدم الهياكل المطبوعة بتقنية الطباعة رباعية الأبعاد في صنع روبوتات لينة قادرة على تغيير شكلها وتُستخدم فى استكشاف الفضاء الخارجي.
وختاماً، فإن الطباعة ثلاثية الأبعاد هي ثورة تكنولوجية اقتحمت العديد من المجالات والقطاعات الصناعية في حياة البشر اليومية، إلى أن وصلت إلى مجال التشييد والبناء والطب وأبسط التفاصيل الحياتية. فالطباعة ثلاثية الأبعاد تتيح للمطورين القدرة على طباعة أجزاء متداخلة معقدة التركيب، كما يمكن صناعة أجزاء من مواد مختلفة وبمواصفات ميكانيكية وفيزيائية مختلفة ثم تركيبها مع بعضها البعض، ونحن الآن بصدد تطوير الطباعة رباعية الأبعاد، فهل يمكن أن نرى الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة في مدارسنا وجامعاتنا ومصانعنا، آمل أن يكون ذلك قريباً.