وتصدعت صفوف حركة الاحتجاج منذ أن غير الصدر موقفه بعد أن شارك أنصاره منذ بداية أكتوبر(تشرين الأول) في التظاهرات المناهضة للفساد.
وأعلن الصدريون دعمهم رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي، الذي يحتاج لتولي مهامه أن تحصل حكومته على ثقة البرلمان في أقل من شهر.
ورفض المتظاهرون المناهضون للسلطة هذا التكليف لأن علاوي كان وزيراً مرتين في مؤسسات النظام الذي يريدون إسقاطه ونظموا تظاهرات وخاضوا مواجهات أسفرت حلال أربعة أشهر عن مقتل قرابة 490 شخصاً واصابة 360 الفاً بجروح غالبيتهم من المتظاهرين.
سلطة الدم
وبعد حادثة النجف الدامية التي أسفرت عن مقتل 7 متظاهرين، ألمح رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي بالتنحي في حال استمرار العنف ضد المتظاهرين.
وقال في كلمة إن “الممارسات هذه تضعنا في زاويةٍ حرجة، لا يُمكن حينها الاستمرار بالمهمة الموكلة إلينا مع استمرار ما يتعرض له الشباب”.
وأضاف علاوي الذي تعهد بأن يكون فتح التحقيقات في الحادثة من أولويات الحكومة المقبلة “لم نأتِ لهذه المهمة الوطنية إلاّ من أجل بناء ما تهدّم، وليس من الأخلاقي القبول بتصدّر المشهد، وتسنّم المهمة، بينما يتعرّض أبناؤنا لما نعرفه من ممارسات تُدمي القلب والضمير”.
ومنذ تغيير الصدر موقفه، انقسم المتظاهرون إلى معسكرين وتصاعد التوتر إلى حد الطعن كما حدث في الحلة الإثنين، وتطور التوتر إلى اشتباك مسلح مثلما جرى في مدينة النجف الليلة الماضية حين قتل 7 متظاهرين اصيبوا بالرأس حسبما أفادت مصادر طبية.
وتبنى أصحاب القبعات الزرق وهم أنصار الصدر اقتحام ساحة الاحتجاج في النجف، لكن الشرطة كذلك متهمة بالتقصير بسبب عدم منع حدوث الصدامات.
ويؤكد المتظاهر محمد وهو طالب هندسة يتظاهر بشكل مستمر في ساحة التحرير في بغداد، “في النجف سقطت الأقنعة”.
على مفترق الطرق الرمزي، مركز الاحتجاج، ما زال “الصدريون” يحتفظون بنقاط تفتيش أمنية في المنطقة المجاورة بعد أن أعلنوا حتى وقت قريب أنهم مسؤولون عن حماية المتظاهرين، بمواجهة الشرطة والجماعات المسلحة.
لكن بعد قتل المتظاهرين، يقول محمد إن “ما يجري بين المتظاهرين والصدريين أشبه بحوار الصم”.
وأضاف: “أخبرنا الصدريين هنا أنه من المفترض أن يؤمنوا المكان ورفاقنا لكنهم لا يستمعون إلينا”.
رفض شعبي
وفي الناصرية، اعتبر المتظاهر عدنان ظافر الذي يواصل احتجاجه منذ عدة أشهر، الهجوم الذي وقع مساء الأربعاء، بمثابة استمرار منطقي لأربعة أشهر من حملات القمع والتخويف التي يقوم بها المهاجمون الذين لم تستطع الدولة حتى الآن تحديد هويتها لكن الأمم المتحدة وصفتهم بـ”ميليشيات”.
وفي كربلاء الواقعة على بعد 100 كلم جنوب بغداد، انطلقت تظاهرة منددة باحداث النجف الدامية وطالب المتظاهرون القوات الأمنية بحماية ساحات الاحتجاج وحصر السلاح بيد الدولة.
وأضاف محمد: “تعرض المتظاهرون إلى عمليات قتل بطلقات نارية وخطف واغتيالات، وتتعرض معسكرات المتظاهرين للهجوم في وضح النهار وتحت أعين قوات الأمن.. الفصائل المسلحة تفعل ما تريد لإنهاء الاحتجاجات”.
في الديوانية، خرجت تظاهرة طلابية مناهضة للصدر وهادي العامري أحد كبار قيادات الحشد الشعبي الموالي لإيران هتف المشاركون فيها “لا مقتدى ولا هادي ، تبقى حرة بلادي”.
ويخشى المحتجون في هذه المدينة أن يتكرر سيناريو النجف وهي أحد أقدس الأماكن لدى الشيعة حيث هاجم أنصار الصدر في وقت متأخر من بعد ظهر الأربعاء ساحة الاعتصام الرئيسية للمتظاهرين المناهضين للسلطة قبل احتلاله الخميس، والتمركز وسط أنقاض الخيام التي أحرقت في الليل، وفق ما قال صحافيون.
لكن هذا العنف لا يقوض تصميم المتظاهرين على ما يبدو.
وفي ميدان التحرير، تقول طيبة طالبة الاعدادية في بغداد وهي تلف العلم العراقي حول كتفيها “لقد اعتدنا على ذلك، لكننا أكثر تصميماً من قبل.. كان الطلاب يخرجون مرة في الأسبوع للتظاهرات والآن أصبحت 3 مرات”.
ووعد علاوي مجموعات من ممثلي المحتجين الذين التقاهم في الأيام الأخيرة باختيار وزير أو اثنين من المتظاهرين الذي يدينون الفساد والمحسوبية في العراق البلد الذي يحل في المرتبة السادسة عشرة للدول الأكثر فساداً في العالم حسب منظمة الشفافية الدولية.
لكن إلى أن تحصل حكومته على ثقة البرلمان، فإن علاوي غير مخول اتخاذ أي قرار، وحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة ما تزال المسؤولة عن تصريف الشؤون الحالية.