في الجنوب الغربي لشبه الجزيرة العربية وفي بطينها الأيسر تقع (تهامة)
أرضُ رُسمت ملامحها من الجنة ، فتبدو سهولها كثياب سندس خضر وأستبرق ،وجبالها جدد بيض وحمر وغرابيب سود ،
أما أشجارها ،فسدر مخضود ، وطلح منضود ،وظل ممدود وفاكهة كثيرة .
وطيورها مسخرات في جو السماء ،نهارها عيد للغيوم، وليلها عرس للنجوم ،بأرضها هبط الجمال من السماء، وولد بها الكرم لأبوين تهاميين فهو يأرز اليها كما تأرز الحية الي جحرها .
تهامة ” جارة الوادي ، وحاضرة البحر ، وعروس الفصول الأربعة ….
يسكنها خليط من البشر ،يعودون لآدم .. وأدم من تراب
ويتجلى الارتباط الوثيق بين المكان والانسان في حب التهامي لتهامة
فهو ينهل من مائها ومرعاها ويلتصق بها التصاق الجنين بأمه و بينهما حبل لاينقطع وهوية لاتطمسها الحضارات ،امتزجت روحه بروحها فأصبح يتنفسها حباً ،وعشقا،ً وولاءً ،
وتراه في حر الصيف يتفيأ ظلالها وكأنه على عرش بلقيس ،
محتبياً بلحافه امدريهمي فيبدو کــ كوكب زحل ثابت في مداره تحيط به هالة من الألوان
وحين يضعه على كتفيه يطل كجبل طوقه قوس الرحمن في يوم ماطر ….
وعندما يجدل عصابته ويجمع طلالته من أعشابها العطرية
(البرك،والشذاب ،والشيح والورود) يملأ عبقها المكان لأيام وليال
ويطوع حبالها وعصِيها لتعينه على الحياة
وتراه راعيا لماشيته فيتخذ من قمم الجبال مآذن ومن أوديتها محاريب للصلاة .
ظل التهامي يتقلب في جنته (بلدة طيبة ورب غفور) يودّع ليلها ويستقبل صبحها
وحين وصلت إلى تهامة استغاثات المسجد الأقصى حي على الفداء ..حي على الفداء
ألقى التهامي عصاه ومنجله ولحافه وعصابته وطلالته وترك ماشيته في مجاهل تهامة وسرت به روحه وجسده مسرى البراق حتى وصلها” مطيعا أغبر القدم . وكان قد أقسم أن ينصر الله ودينه فوق كل أرض وتحت كل سماء ،وعلى ثرى الأرض المباركة سطر التهامي أروع وأندر صور الشجاعة والاقدام .
عرج بعدها بروحه الطاهرة مقبلة غير مدبرة إلي سدرة المنتهى عندها جنة المأوى “ملبية حي على اللقاء” فيلحق بالنبين والصديقين والشهداء من بدر وأحد ، ومؤته .خرج من جنته إلي جنة عرضها السموات والأرض تاركا خلفه صفحات مضيئة في سجلات الشرف والخلود وقبورا مازالت خضراء على تخوم الشام .
وحين صرخت الكويت طار التهاميون بأجنحة الصقور، ومخالب الطيور
يقتلعون رؤوس المعتدين وينتزعون أكبادهم، ويفوزون بكلتا الحُسنيين “النصر والشهادة”
ولأن تهامة أرض ودود ولود حين تمطر سماؤها تنبت أرضها أبطالاً
فإلى الحد الجنوبي يقف ابطالنا أسود الشرى وليوث الورى سداً منيعاً، وبنيانا مرصوصا في وجه شراذم المجوس” فما اسطاعوا أن يظهروه ومااستطاعوا له نقبا
لم يبرحوا أماكنهم منذ سنين ولم يترجلوا عن دباباتهم إلا إلي الفردوس الأعلى حيث مستقر أرواحهم ومستودعها رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه
تزفهم الحور العين وتحييهم الملائكة أن طبتم فادخلوها خالدين ، في استقبال مهيب يليق برجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع منهما بشيء .
ومازالت صورهم عالقة في جدران الذاكرة تفوح مسكاً كلما هبت رياح الأشواق إليهم وتحركت لهم أغصان الحنين
والى وجه تهامة الأخر. وجه الحب والسلام تنادي المآذن فيلبيها رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلاة
حتى إذا قضيت الصلاة وانتشروا في الأرض تجد التهامي كريماً جواداً مضيافاً ولو كان به خصاصة .
تجده أباً حانياً، وأخا عضيداً وزوجاً عاشقاً ،وابناً باراً
فسلامٌ لتهامة تلك الجنة الآسرة …وسلامٌ لكل آدم وحواء سكنا تلك الجنة…

2 comments
2 pings
مفرح الكناني
06/03/2019 at 6:49 م[3] Link to this comment
لله درك يا سمية ( بفتح السين ) فقد أمسكتي بتلابيب الكلام وطوعتيه كما تريدين وكما نحب بأسلوب شيق سلس لا غرابة فيه ولا تعقيد
عبدالله طالع
07/03/2019 at 10:31 ص[3] Link to this comment
سلمت أناملك الطاهرة وقلمك الفياض وعقلك الحر وقلبك الصادق وبيض الله وجهك ورحم الله والديك وأصلح لك النية والذرية وحسن الطوية ورزقك من حيث لا تحتسب…مقال يستحق أن يكتب بماء الذهب ودمع العيون ودم العروق شكراااااا جزيلا لك يا أختي الغالية زراعة الجابري ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ???