سبق وتحدثنا عن دراسة قام بها العلماء في جامعة كاليفورنيا الذي نشر في مجلة الفيزياء الفلكية، عن المعلومات والبيانات التي جمعها تلسكوب International Ultraviolet Explorer الفضائي خلال 20 سنة، حيث عمل في نطاق الأشعة فوق البنفسجية وقاسوا إشعاع النجوم الشبيهة بالشمس لمعرفة الظروف التي تسبق بداية مرحلة الحد الأدنى لنشاطها، واتضح أن انخفاض النشاط يمكن التنبؤ به بواسطة وتائر تشكل البقع الشمسية. وأفردنا لها موضوع خاص وتواصلنا مع الفلكي خالد الزعاق والذي فند ما ذكر في الدراسة على الرابط التالي :
عن أسباب حالات تطرف الطقس والمناخ خلال العقود الثلاث
الماضية، والتعرف على ملخص الآراء بهذا الخصوص
ولمزيد من الدراسات والتفاصيل تواصلت الأنباء العربية مع الأستاذ الدكتور/ محمد سعيد البارودي
أستاذ الجيومورفولوجيا والجغرافيا الفلكية
بقسم الجغرافيا – جامعة أم القرى
حيث أجاب في مقال أعده للأنباء العربية بهذا الخصوص :
تذبذبات الطقس والتغير المناخي : !
برزت خلال العقود الثلاثة الأخيرة حالات متطرفة للطقس في كثير من بلدان العالم، بل وربط البعض بين المجاعة التي ضربت اقليم الساحل الأفريقي منذ السبعينات وبين حالات الطقس المتطرفة ( وخاصة منها زيادة سقوط الأمطار في مناطق واحتجابها في مناطق أخرى، وزيادة أعداد الأعاصير وشدة الرياح وغيرها) وسرعان ما زاد عدد الدراسات المرتبطة بذلك، وعقت عدة مؤتمرات بعنوان “الأرض” تهدف إلى التعرف على الأسباب الحقيقية لتطرف الطقس، وهل هو بداية لتغير مناخي على سطح الأرض؟ وقد انتشرت أكثر من 12 ألف محطة من محطات الطقس في جميع أنحاء العالم لتقوم بتسجيل بيانات درجات الحرارة و الأمطار والرياح وغيرها من عناصر الطقس. بهدف مراقبة حالات تطرف الطقس، وعمل النماذج اللازمة للتنبؤ بالأحوال الجوية. وقد تباينت الآراء في تفسير تطرف الطقس والمناخ على مستوى العالم، فمنهم من يرى أن هناك علاقة بين هذه الظواهر المناخية وارتفاع حرارة الارض. بينما أشار آخرون إلى أن السبب في ذلك يعود إلى ظاهرة النشاط الشمسي والمرتبط بطبيعة الحال بدورات البقع الشمسية. وأشار فريق آخر إلى أن مثل هذه التغيرات عبارة عن دورات طبيعية للأرض. وسوف يتم التطرق باختصار لهذه الآراء الثلاثة.
1- ارتفاع حرارة الأرض (ظاهرة الاحتباس الحراري): فقد تم ربط الظواهر الجوية المتطرفة خلال العقود الماضية بزيادة ارتفاع درجة حرارة الارض الناجم عن النشاط الانساني، حيث تشير البيانات المناخية للسنوات الماضية أن درجات الحرارة هي الأعلى عالمياً منذ بداية رصد درجات الحرارة على الأرض. كما شهد العامين الماضيين درجات الحرارة الأعلى منذ بداية عمليات الرصد. وقد تقدم أصحاب هذا الرأي بعدد كبير من الأدلة تبين من خلالها مثل هذا الارتفاع. ومنها:
أ- ذوبان الجليد: تسببت درجات الحرارة المرتفعة بذوبان جليد جزيرة جرينلاند. ويعتقد البعض بأن ارتفاع حرارة الأرض قد بشكل خطراً كبيراً، ويتوقعون أن يذوب جليد الجزيرة بشكل كامل عند تجاوز درجة حرارة الأرض عتبة تقع بين 0.8 و 3.2 درجة مئوية. كما أن تراجع غطاء الجليد البحري هو الأكبر منذ بدء الرصد بالأقمار الصناعية عام 1979 في المحيط القطبي الشمالي وذوبانه لدرجة سمح في العام الماضي بعبور بعض السفن من خلاله مباشرة ما بين القارات الثلاث.
ب- ويؤدي ذوبان الجليد إلى انطلاق كميات هائلة محبوسة من غاز الميثان، وله أثر في زيادة مستوى الاحتباس الحراري أكثر بثلاثين مرة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
ت- ارتفاع مستوى سطح البحر: سترتفع مستويات البحار لبضعة أمتار في حال ذوبان كل جليد جزيرة جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، وقد يؤثر ذلك بالتالي على حياة ملايين الأشخاص في العالم. وقد أشارت الدراسات فعلياً إلى أن ذوبان الجليد قد تسبب فعلياً بزيادة مستوى سطح البحر. ومن الأمثلة الواضحة في ذلك جزر المالديف التي لاتزيد أعلى مستوياتها عن المترين.
ث- الأنشطة البشرية: تم ارجاع ارتفاع درجة الحرارة أيضا إلى الأنشطة البشرية، ومن أهمها حرق الوقود الأحفوري( مثل الفحم والبترول ومشتقاتها) في المصانع والسيارات وبالتالي ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو. وهو من أهم الأسباب التي تساهم في ظاهرة حدوث الاحتباس الحراري إضافة إلى غاز الميتان وبخار الماء.
وتتلخص آلية الاحتباس الحراري Greenhouse effect في أن الحرارة التي تكتسبها الأرض من أشعة الشمس لا تعود جميعها إلى الفضاء الخارجي، نتيجة لامتصاصها من قبل غازات الدفيئة التي تم ذكرها أعلاه وهي ثاني أوكسيد الكربون وبخار الماء وغاز الميتان، وتبقى في الغلاف الغازي القريب من سطح الأرض.
2- نشاط العواصف الشمسية: تم ربط نشاط العواصف الشمسية بزيادة أعداد البقع الشمسية على سطح الشمس، والتي تمر بدورة يكون متوسطها 11 عاماً، تبدأ بأعداد قليلة لاتلبث أن تزيد تدريجياً لتصل الأعداد إلى أكبر عدد لها، ويطق عليها قمة الدورة. وكلما زاد أعداد البقع الشمسية الحاملة لشحنتين سالبة وموجبة يمثلان قطبي الشمس، وتلامست مع بعضها البعض حدثت الانفجارات الشمسية والعواصف التي تطلق كميات هائلة من المادة الشمسية نحو الأرض والكواكب الأخرى، بعدة طرق من أهمها الرياح الشمسية وأنواع الأشعة الأخرى، وهو ما يساهم في ارتفاع درجات الحرارة على الأرض، حيث أن هذه الرياح تصد ما يسمى بالأشعة الكونية المتجهة نحو الأرض. وعلى العكس من ذلك عندما تقل أعداد البقع الشمسية على سطح الشمس، وتقل معها التأججات والعواصف الشمسية، ففي هذه الحالة تضعف الرياح الشمسية في مواجهة الأشعة الكونية الواصلة إلى الأرض، والتي تعمل على تشكل بعض أنواع السحب عليها وحجب أشعة الشمس وبالتالي تساهم في برودة المناخ. ويستشهد أنصار نظرية النشاط الشمسي بالتوافق الذي حدث بين قلة أعداد البقع الشمسية في دوراتها الممتدة منذ منتصف القرن السابع عشر وحتى القرن الثامن عشر لمدة 70 سنة، حيث تميزت فيها أوربا ببرودة عالية تم تسميتها بالعصر الجليدي الصغير.
3- دورات مناخية طبيعية للأرض: يرى بعض الباحثين أن هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى عدم التأكد من تسبب زيادة ظاهرتي الاحتباس الحراري ونشاط البقع الشمسية في ارتفاع درجة الحرارة على سطح الأرض، بحيث يرون أن هناك دورات لارتفاع وانخفاض درجة حرارة سطح الأرض، وأن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة وفترات أخرى باردة.
وخلاصة القول أن ما تشهده الأرض في العقود الثلاثة الماضية من حالات الطقس المتطرفة سواء الفيضانات العارمة أو الجفاف لبعض المناطق، أو ارتفاع حرارة الصيف والتي يقابلها أحياناً إما برودة في الشتاء أو شتاء أكثر دفئاً، وأعاصير بسرعات رياح عالية، لا يمكن تفسيرها سوى بتضافر العاملين الأول المتمثل بظاهرة الاحتباس الحراري، والثاني بظاهرة تغير النشاط الشمسي. ولا يمكن بطبيعة الحال التأثير على تغيير العامل الثاني ويبقى الأمل أن يقوم المجتمع الدولي بالتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري لعودة الاستقرار لمناخ الأرض.
كما وبحثت الأنباء العربية في رأي الدين بخصوص هذا الموضوع نعرضه للقراء الأعزاء : قال الشيخ صالح المنجد .
قال تعالى : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ” سورة الحج:70،
وقال تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ” سورة فاطر.
الآيات تنص نصاً واضحاً قطعياً على تفرد الله عز وجل بعلم الغيب، وأنه لا يوجد في السماوات والأرض من يعلم الغيب إلا الله، لا يوجد من يعلم ماذا سيحصل بعد دقيقة، أو بعد ساعة، أو بعد شهر، أو سنة، أو سنين، لا يوجد من يعلم ماذا سيحصل فيها إلا الله عز وجل، كل الأمور الغيبية، والحوادث التي ستحدث يتفرد الله عز وجل بعلمها .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن يعتقد أن الكواكب لها تأثير في الوجود، أو يقول: إن له نجماً في السماء يسعد بسعادته، ويشقى بعكسه، ويقول: إنها صنعة إدريس عليه السلام -أي التنجيم-، ويقول هذا المفتري الكاذب، ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان نجمه بالعقرب أو المريخ! هل هذا من دين الإسلام؟! وماذا يجب على قائله؟
فأجاب رحمه الله إجابة طويلة منها نقتطف قوله: الحمد لله، النجوم من آيات الله الدالة عليه المسبحة له، الساجدة له: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِسورة النحل:12-النجوم سخر بأمر الله، جعل الله لها وظائف: هداية المسافر في البر والبحر، رجوماً للشياطين، تسبح الله وتسجد-، ثم قال: وهكذا المنجمون في ادعائهم علم الغيب والخرافات والأكاذيب، حتى إني خاطبتهم بدمشق؛ لأنه كان يعيش فيها شيخ الإسلام، وحضر عندي رؤساؤهم، وبينت فساد صناعتهم بالأدلة العقلية التي يعترفون هم بصحتها.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : ” قد يعرف وقت خسوف القمر وكسوف الشمس عن طريق حساب سير الكواكب ، ويعرف به كذلك كون ذلك كليا أو جزئيا ، ولا غرابة في ذلك ؛ لأنه ليس من الأمور الغيبية بالنسبة لكل أحد ، بل غيبي بالنسبة لمن لا يعرف علم حساب سير الكواكب ، وليس بغيبي بالنسبة لمن يعرف ذلك العلم ، ولا ينافي ذلك كون الكسوف أو الخسوف آية من آيات الله تعالى التي يخوف بها عباده ليرجعوا إلى ربهم ويستقيموا على طاعته “.
وجاء فيها أيضاً :
” معرفة الطقس أو توقع هبوب رياح أو عواصف أو توقع نشوء سحاب أو نزول مطر في جهة مبني على معرفة سنن الله الكونية، فقد يحصل ظن لا علم لمن كان لديه خبرة بهذه السنن عن طريق نظريات علمية أو تجارب عادية عامة فيتوقع ذلك ويخبر به عن ظن لا علم فيصيب تارة ويخطئ أخرى ” .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” ليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب ؛ فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء ، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر ؛ فهذا ليس من الكهانة لأنه يدرك بالحساب ، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في 20من برج الميزان مثلا في الساعة كذا و كذا ؛ فهذا ليس من علم الغيب ، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب ؛ فكل شيء يدرك بالحساب ، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلا لا يعتبر من علم الغيب ، ولا من الكهانة . وذلك في معرفة أحوال الطقس والكسوف والخسوف ، ولكن المعرفة بمتى تحدث أشراط الساعة وتوقيتها فقد ذهب العلماء انه لا يعلمها إلا الله وحده ولا نستطيع التكهن بها كما يدار ان الجزيرة العربية ستعود الان لتكون أنهارا ومروج كما كانت قديما وهذا متى يحدث فهو في علم الغيب .