لحومٌ تكوّمت على بعضها مختلطةَ الأحجام والاشكال؛ لا يفصلهم عن أصلهم إلا طبقاتٍ من قرميد الحداثة، أتت من أصقاع الأرض مستقبلةً ذات القِبلة وذات المكان، اختلفت الألوان والجلود روائحها تتبخّر جرّاء الحرارة، فالشمس كلَّ يومٍ تختبر صبرهم بين البشرى والإنذار.
لكلٍ منهم كومة أفكار يحمل على كتفيه أوزانًا من الأمتعة ما بين همًّ وكرب أراد له خلاصًا بحذفه بالحصى مُحَمِّلاً أعذاره على شماعة العقبة الكبرى والوسواس، وأكيالاً من الذكريات وصفوفًا من الاشخاص، وبعض الأوجه غابت أسماؤهم تمنّى لو أن أكُفَّهُ ترمي بها للأعلى فيستقبلها النسيان بعهدٍ أن لا تعود لتقتصَّ من أدمعهم ذات حنين.
وشكوى من فِعْلِ هذا وحُبِّ ذاك؛ ومن قولِ تلك ونميمة الأخرى، إنما أشكو بثّي وحزني إلى الله، لن يفضح سرِّهم ولن يعيَّرهم بما لم يكن، ويغفر لهم زلاتهم كما سيسامحون نتيجة لطاقةِ الخلاص التي تملأ المكان.
هناك كل شيءٍ عميق على بساطته تزدري بعده حياة الرفاهية باليقين بأن كلَّ شيء سيزول، واضحٌ في بياض المحتوى والرداء وما جاء في قول القلب المتجلِّي ونظرةِ الأمل الشاردة، كل هذا وعقل لا يقوى على المساس بكل ما جاء فيه.
إنما باسطٌ يديه سبحانه جلَّ في علاه بالليل والنهار، وأيامٌ معدودةٌ تكَتَّل فيها لحمٌ وطينٌ وأمنياتٌ على اختلافها ينشدون استجابةً لما يحملون من وصايا ودعاء وطلب وابتهال.
سيدة الميزان