مسنّدم المدينة العالية الواقعة على رؤوس الجبال والتي يصل إرتفاعها عن سطح البحر ما يقارب ٢١٠٠متر في أقصى الشمال العُماني ، وكانت تُسمى قديما بمسميات عديدة منها ( فكُّ الأسد و فَمْ السِّباع وغيرها من تسميات لا يوجد توثيق لها ) ، ومن بعد تلك الحقبات الزمنية أتـت تسميتها تشبيهاً بناءاً على طريقة إستخدام السِّندان وردة فعل الصوت منه وبسبب الأمواج الشاهقة الضخمة المتلاطمة بقوتها على الجبال تطرُق طرقاً ، هذه المدينة التي تضم عِدة ولايات تطل على البحر من أعالي رؤوس الجبال كـ ( خصب ، بخا ، دباء ، مدحاء ) وعدة قرى تتبع تلك الولايات بتاريخها العريق وحكاياتها .
مسنّدم مدينة تاريخيه عُمانية تهافتت عليها الإمبراطوريات القديمة مثل الفارسية والأخمينية والساسانية والبرتغالية قديما حتى ظهور الإسلام وإستقرت بعهدة الإمبراطورية العمانية حتى اليوم الحاضر ويترسخ ذلك التاريخ بمقتنياته الثرية في متحف صغير ، مدينة تاريخية شهدت قُراها بجبالها وسواحلها على كل الداخلين والخارجين منها تُجاراً أو زوّاراً ، غنية بالكهوف والآثار والنقوش والحفريات وقلاعها وأسوارها وقواربها حيث يعود تاريخ آثارها لألفي عام لقِدمِها شامخة حتى الآن .
مسنّدم مدينة الأزقّة البحرية زُرقة اللون الداكنة التي تحيط بصخورها المستلقاة على مياه البحر متناغمة بتداخلها وتمازجها الطبيعي المنسجم بإطلالتها الساحره كخلجان النرويج تشبيها ، بها مضيق يُعد الأهم بالعالم للعالم بأكمله ويُدعى بمضيق باب السلام " مضيق هرمز " ليس فقط في العصر الحديث لـ عُمان بل مُنذ القدم ، وتتواجد على تلك الصخور " الجُزُر " بعض القرى التي يُمكن الوصول إليها فقط عبر القوارب الصغيرة .
مسنّدم العُمانية الخصبة التي تُشاطر بقايا مُدن عُمان عاداتها وتقاليدها وحِرفها كالزراعة والصيد وصناعة السُفن والتجارة ، بها أرض خصبة تنمو بها النخيل والفاكهه والخضروات وأشجار الأكاسيا الشاهقة الإرتفاع بزهورها الصفراء الفاقعة مشكلة غابات الأشجار المزهرة ، وبها أسواق تجارية بسيطة توفر وتخدم قاطنيها وزوارها بشكلها التقليدي .
مسنّدم المدينة ذو الأسطورة الخرافية المناخية بها جُزر عدة تُسمّى بسلامة وبناتها وتدور فقرات قصتها حسب مقولات القدماء مِن مَن عاصرها أنها جنية تسكن البحر وخصوصا بتلك المساحة البحرية قرب الجُزر وكانت تُهيّج البحر وتلتهم السُفن بأكملها حينها من غضبها وتغرقها ، متناسين بخرافتهم غضب الطبيعة والمناخ الذي يحوم حول تلك الجُزر بسبب تلاطم الأمواج بعضها ببعض وملاكشتها لرؤوس الجبال مما يسبب تيارا قويا كفيلا بأن يُغرق السُفن العابرة وخاصة إذا كانت محملة بالحمولة الزائدة .
مسنّدم المدينة الإستراتيجية االمضيق الذي يبلغ عرضة نحو ٥٠ كم ويتقارب عمقه حتى ٦٠ متراً بأقصى الشمال العُماني وتبعد عن العاصمة العمانية مسقط بحوالي ٥٧٠ كم ما يقارب ٦ ساعات عن طريق المركبة مستمتعاً بشوارعها المُعبدة الآمنة العالية على جبالها مشاهداً لمنظر روعة البحر ، وبوقت لا يتجاورز الـ ٤٥ دقيقة عبر الأجواء من العاصمة إلى مسندم مستمتعا طوال الرحلة بشماهدة جميع السواحل العمانية المُمتدة ، وإن كنت من هواة البحر فما عليك إلا الصعود على إحدى العبّارات البحرية منطلقا إليها برحلة بحرية يطول وقتها بـ ٥ ساعات من العاصمة إلى مدينة مسنّدم .
مسنّدم مدينة سياحية بأجواءها المعتدله فكل من أقبل عليها لا يجد متسعاً لشئ غير أن يمارس هوايته بها فمنهم من يهوى التجديف ليتسابق مع الدلافين المبتسمة المسالمة ، وغيرهم يهوون الغوص للإستمتاع بالنظر للشعاب المرجانية ، والكثير الذي يستمتع بالجلوس بأحضان الجبال المتقاربة لشواطئها الناعمة الصافية ومشاهدة قفزات الأسماك بشكل بهلواني تُمتّع أعين الناظرين لها ، والمستكشف لتلك التماثيل الحجرية التي تشكلت على أشكال متنوعة بسبب العوامل التي مرت بها ، والخائضين بين جبالها وأوديتها والفلج الذي ينبع منه عذب المياه لقاطنيها وزائريها ، والمتنافس للصعود والتسلق إلى قمم رؤوس الجبال ليُقرّب بعينيهِ القارة الكبرى .
الكاتب : طـارق الصابري
سلطنة عُـمـان