لعلَّ أثمن جزء بالإنسان وأيضاً أخطر جزء القلب ، فالقلب مركز المشاعر بأنواعها وتضادها ، ومركز الإيمان والكفر وكذلك الحب والكراهية وتجتمع في القلب جميع الصفات المتناقضة مثل : الحقد والتودد ، الغضب والفرح ، القلق والطمأنينة ، السلام والحرب .
وللقلب أدب كما الظاهر لأنَّ أدب القلب مخفي عن الآخرين ولكنه يظهر في المواقف الصعبة ولأنَّ القلب ليس له لسان ليعبر عن حالته ، إذاً ما يعتمل بالقلب هو الركيزة الأساسية التي تشكل شخصية صاحبه .
والقلب محل نظر الرحمَّن كما جاء بالحديث الشريف :
" إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم أيها أتقى " لأنَّ التقوى هي قمة الأدب مع الله .
وقد ابتليَّ قلب الإنسان بحديث القلب الذي لا يسمعه أحد إلا الله تعالى وهذا الحديث له وجهين الوجه الإيجابي والوجه السلبي ، والإيجابي أوله تعلم أفضل المفردات وثانيه هو تدريب القلب على حفظها لتكون هذه المفردات هي لسان حال الشخص المذكور حتى تنطبع في قلبه أجمل الكلمات وأرقاها فيصبح حديثه مع الآخرين له طعم ونكهة ويستمتع السامع من كلامه ،
وبالمقابل يوجد محترفين في إخفاء ظلمات قلوبهم ولسانهم ينقط أدباً وما يكشف هؤلاء إلا أفعالهم وتصرفاتهم فإنها الفيصل والفاضح لما في القلوب من أسرار ، ،
أمرنا القرآن الكريم بضبط النفس فقال : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) هذه الصفات ليست للعبادة وحسب بل هي في قلب منهج الحياة أثناء تعاملنا مع الآخرين وفي النهاية تكون نتيجة هذه التصرفات السلبية تحولها إلى أمراض تقسي القلب وتلوثه وتمرضه فيخرج صاحب هذا القلب من صفة ( القلب السليم ) وقد يتفاقم مرضه والعياذ بالله حتى يقوده إلى الكفر وهو لا يدري ولا يشعر .
لذلك كان القلب أخطر جزء بالإنسان وكذلك أثمن جزء فلنحافظ على سلامة قلوبنا ونتدرب على ترك حديث النفس : فلان طويل وفلان قصير ... وهذه بداية مرض القلب لأنه انشغل بالآخرين ونسي إصلاح نفسه .
حافظوا على أثمن ما تملكون هذه القلوب إن صلحت صلح الجسد كله (كما جاء بالحديث الشريف ) وإن فسدت فسد الجسد كله والخطورة كلها في كلمة (كُلُّهُ ) أي فساد القلب فساد عام في جميع الأجهزة الأخرى نفسية وعضوية ، وقانا الله وإياكم من فساد القلوب ونحن في زمن تقلب القلوب نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه .
بقلم : البتول جمال التركي