رجل ملتح ، ملابسه واسعة فضفاضة بيضاء ، على رأسه طاقية ملونة ذات مقدمة هرمية الشكل، شفاهه ترتجف و ممسك بحقيبة سوداء و قطرات العرق تنساب ما بين شعرات ظهر كفه، ينظر بوجل إلى الامام بين عشرات الوجوة المشغولة بكل ما لا يهم في تلك اللحظة .
شاب في العشرين يرتدي بدلة اوروبية ، أنيق كعارض أزياء يده اليمنى الناعمة الخالية من الشعر تزينت بساعة تعادل قيمتها ، سيارة لمتوسطي الحال وخاتم من ذهب مرصع بحجر أزرق براق .يمسك بحقيبة سوداءو ينظر الى ساعته حين صدح الصوت الناعم
"تعلن الخطوط الألمانية التوجة الى بوابة السفر ٣٥ "
امرأة مكتنزة ، في أواخر الأربعين، تزينت بكل ما تجده في المحلات العالمية من علامات تساوي الملايين . تتحدث في جوالها وعيناها تركز على الحقيبة السوداء التي وضعت بجانبها .
تنتظر مع أخريات دورها لشحن جوالها الذي أوشك أن يلفظ أنفاسه لتنهي المكالمة بسرعة وتلمح الشرطي الذي مر بجانبها كالبرق إلى نقيب أعلى منه رتبه وهمس في أذنه، لم يسمع احد من حوله ما قال. لكن اجحضاض عيناه ثم الرجفة في يده جعلت الشرطي يعود للوراء و جبينه يندى عرقاً
وهمس
حقيبة سوداء !
نعم حقيبة متوسطة سوداء . أومأ الشرطي موافقًا
هنا انبرى النقيب و توجه نحو المايكرفون وصاح بالجمهور
أرجو من الجميع التمسك بحقائبهم لجولة تفتيش امنية سريعة قبل صعود الطيارة .
تردد الجمهور وسرت همهمات لكن مساعدوه بددوا كل مجال للتردد ووزعوا الجمهور الى مجموعات
من ليس لديه حقيبة ، ومن لديه ، ومن شوهد برفقة حقيبة سوداء متوسطة
ثلاث مجموعات : الاولى كانت الأكبر ولم يكترث لها النقيب ، الاخرى كانت أقل وأيضا لم يعرها اهتمام
الأخيرة كانت نصب اهتمامه : الملتح المتوتر والشاب الأنيق والمرأة المكتزنة وثلاث من الحقائب السوداء اصطفت أمامهم
صاح بهم : ماذا بالحقيبة ؟
لم يرد اي منهم
انت ، وتوجة بعيناه للشاب ، ماذا بالحقيبة ؟
ماذا ...هذه.. ليست حقيبتي !
حقًا ، لما تمسك بها اذن؟
ليست لي ولا اعلم ما بها.
التفت الى المرأة : وماذا عنك؟ ماذا بحقيبتك!
ليست بحقيبتي وجدتها امامي وانا انتظر دوري لشحن جوالي.
ثم التفت الى الملتح: وانت لا تقل لي انها ليست لك ، رايتك تمسك بها
كنت اريد ان اسلمها للامانات وجدتها هنا!
همس الشرطي في اذن النقيب : بها من المتفجرات ما قد ينسف المطار كله
جفل النقيب وهمس له: لقد وصلتني معلومة مختلفة وهي ان هناك تهريب اموال يتم بانتظام في حقيبة سوداء والان تقول متفجرات !!
هنا اقتربت شرطية مساعدة وهمست له: لدينا معلومة لوجود عالم او عالمة يحملون حقيبة غاز سام ايضا بالمطار.
تبا كيف نعرف اي منها ؟ وكلا منهم انكر انها له !
لدي فكرة وهي ان نجعل كل واحد يفتح حقيبة؟ اذا كانت بها متفجرات فلسوف يرفض فوراً. همست الشرطية
فتقدم الشرطي وقال فكرة خطرة جدا، فلو كان يعلم بكون ان بها متفجرات وهو ارهابي، فلسوف يفعل هذا بكل سرور ليقتلنا جميعا
ولو كان بها الغاز السام فلسوف يرفض كي لا يموت
ماذا عن الاموال هل سيوافق! سيرفض قطعاً علقت الشرطية
اي منهم الارهابي واي منهم المهرب واي منهم العالم؟ تساءل النقيب ان الصفات تنطبق عليهم جميعا
هنا لمعت عينا النقيب وقال لدي فكرة
ثم تقدم ناحيتهم وقال : بما انكم انكرتم امتلاككم الحقيبة فلا فرق ان فتح واحد منكم حقيبة الاخر
هنا ارتاعت المراة وقالت :
لا دخل لي بالموضوع ؟ ولا اريد فتح اي حقيبة
رد الشاب بصوت هادىء ؛ انا مستعد لفتح اي حقيبة
صمت الملتح ولم يرد
انبرى الشرطي وهمس للنقيب ، فكرة رائعة ، لابد ان الملتح هو صاحب حقيبة المتفجرات والمرأة صاحبه حقيبة الغاز. بينما الشاب هو صاحب حقيبة الاموال لانه لا علم له بما في الحقائب الاخرى .
ولما لا تكون المرأة هي صاحبة حقيبة المتفجرات ، انظر جيدا ، قالت الشرطية ، ان ملابسها رغم أنها تبدو غالية لكنها تقليد ورخيصة جدا بالواقع. الشاب هو العالم لان الساعة هدية من شركة معروفة . اما الملتح فلابد انه يتعامل مع عصابات المخدرات وتهريب المال من الوسم على رقبته،
هذا جنون محظ ، تمتم النقيب وقال لرفيقه
اخلوا المطار من المسافرين وقال: لنرى
هيا ايها الشاب الشجاع تقدم.
تبادل النظرات مع المرأة فتسلحت بالصمت واما الملتح فعاد للوراء خطوة وهو يشيح بعيدا
رتوة باتجاه السيدة ثم اخرى باتجاة الملتح
وعيون النقيب جاحظة بينما الشرطية والشرطي اتجاها لاخلاء المطار
صاح الملتح دعوني افتح حقيبة السيدة ؟؟ لقد وافقت الان
انبرت السيدة : ليست حقيبتي ، ليست حقيبتي
واصل الشاب التقدم ناحية الملتح الذي اغمض عيناه
ماذا حدث بعدها ؟؟؟؟
علي الماجد