قبل أيام مررت بمنطقة أم الجود ، فتذكرت مدرسة الملك فيصل النموذجية ، وتذكرت مديرها التربوي والإعلامي الأستاذ / زاهد قدسي ـ يرحمه الله ـ ، فطافت بذاكرتي مواقف وأحداث عشتها معه أثناء زياراته المتعددة لجريدة الندوة والتقائه بالأستاذ / فوزي خياط ـ يرحمه الله ـ ومجالستي لهما .
والأستاذ زاهد قدسي ـ يرحمه الله ـ ، الذي خدم في مجال التعليم على مدى ربع قرن عرفه الجميع كمعلق لمباريات كرة القدم ، ويعتبر أول سعودي يعلق على مباريات كرة القدم بالإذاعة الرسمية ، وأول من نقل المباريات عن طريق التلفزيون السعودي عندما بدأ البث عام 1386هـ ، ومكنته خبراته من تولى رئاسة لجنة المعلقين الرياضيين السعوديين عام 1400هـ ، وحاز على ثقة المعلقين العرب فاختاروه في اجتماعهم بتونس عام 1416 هــ رئيساً للجنتهم .
ويعتبر زاهد قدسي ـ يرحمه الله ـ أول رئيس لأول ناد للألعاب الرياضية سجل رسمياً في المملكة عام 1378هـ ، وقد يكون السعودي الوحيد الذي حمل عضوية اللجنة الكروية الفنية لثلاث وزارات سعودية هي " الداخلية والمعارف والعمل " ، وعمل حكماً معتمداً للألعاب المختلفة وقام بتحكيم العديد من المباريات ، ومستشاراً لنادي الوحدة.. بمكة المكرمة ، وعضواً بإدارة المنتخبات وبالاتحاد السعودي لكرة القدم ، وعضواً بالاتحاد السعودي للكرة الطائرة 14 عاماً ، وعضواً في لجنة قواعد لعبة كرة الطائرة بالاتحاد الآسيوي على مدى ثمان سنوات ، وأول من أعد وقدم برامج رياضية، ومن أوائل من أوجد الصحافة الرياضية بالمملكة ، وأول مدير تحرير لأول مجلة رياضية أسبوعية تصدر بالمملكة عام 1958م .
وفي بحر تلك الذكريات ، وقفت متألما أمام ما نراه اليوم من تغييب لزاهد قدسي الذي لم يعد الكثير من أبناء الجيل الحالي من الشباب يعرفونه ، فيما القليل منهم يعرفه من خلال متابعتهم لنشاطات ابنه المهندس إبراهيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة تويتر .
وحتى يبقى اسم زاهد قدسي كعلم من أعلام التربية والرياضة السعودية ، وابن من أبناء مكة المكرمة المخلصين الذين عرفوا بالصدق والأمانة والعمل الجيد ، فإننا نأمل أن تبدأ أمانة العاصمة المقدسة بقيادة أمينها الجديد الأستاذ / صالح التركي العمل على إطلاق اسمه على أحد شوارع مكة المكرمة ، تقديرا لما قدمه من خدمات في المجال التعليمي والرياضي والإعلامي .
وإن كان من وأجبنا أن نحفظ لهؤلاء الأعلام حقوقهم الأدبية بعد وفاتهم ، فعلينا ألا نسعى للعمل على الوفاء بهم بعد مماتهم ، وألا نكون ناكرين لجهودهم وخدماتهم التي قدموها ، وأن نكون أوفياء معهم ، فالوفاء من أبرز كنوز الأخلاق الإسلامية ، واعتراف بالجميل لمن يعمل بجد واجتهاد ، ومن أنبل صور الوفاء هي تلك التي تكون لأهل الفضل والعطاء وفاء لمعروف اسدوه .
قال الشاعر:
إن الوفاء على الكريم فريضة
واللؤم مقرون بذي الإخلاف
وترى الكريم لمن يعاشر منصفاً
وترى اللئيم مجانب الإنصاف