مهما اقتحم الكتاب والعارفون والمتمكنين من أهل البلاغة أن يقوموا بوصف سيد الخلائق صلى الله على جلاله وجماله وكماله وعلى آله وسلم ، فإنهم لم يسبروا اغوار صفاته ولم يبلغ مدحهم له إلا كنقطة من محيط صفاته كالذي يسبح على شاطئ المحيط ويظن بأنه يسبح بالمحيط وهو لم يتعدى الشاطئ .
فمن أين لنا أن نغطي جميع صفاته ونحن لانعلم منه صلى الله على جلاله وجماله وكماله وعلى آله وسلم إلا ماوصلنا بالتواتر من السيرة والاصدق منها ماجاء في كتاب الله المجيد فاعطاه الله تعالى صفات الجلال والهيبة وكساه بثوب الجمال الخالص والبسه تاج الكمال الذي انفرد به بين الخلائق ليكون درة الكون ونور المشرقين وباب الوصول إلى الحق فهو باب الله تعالى والآيات في ذلك كثيرة جدا ومنها :(ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابآ رحيمآ ) في هذه الآية يقول لنا الحق اذهبوا الى بابي واستغفروني هناك عند بابي (الرسول ) فهو باب الحق جل جلاله ومن يقف على باب الجليل فهو جليل وأما جماله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقول الله تعالى فيه :( وإنك لعلى خلق عظيم ) فما بالنا نقرا اللغة العربية ولم ندرك أسرارها ؟
الله العظيم يعظم أخلاق رسوله ويصفها بالعظيمة وكفانا سرآ واحدآ بهذه الآية العجيبة وجمال الأخلاق جمال معنوي وأما الجمال التصويري فقد شرحه لنا صحابته الذين شاهدوه رؤية عين وعن البراء بن عازب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلا مربوعا بعيد مابين المنكبين عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه اليسرى . عليه حلة حمراء ما
رأيت شيئا قط أحسن منه .
واما كماله فقد بلغ درجات الكمال بكل جوانبها من حيث النسب والحسب وكمال الأخلاق وكمال الجسمانية وكمال العقل وكمال الرحمة وكمال كل الطباع الإنسانيه العظيمة فمن ذا الذي ينافسه ؟
لا أحد من الخلق وأما معرفته صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يعرفه الخلق ولا يعرفه الا الذي خلقه .
ومن اعظم ماجاء في اسرار مقامه الشريف المقدس عند الله في هذه الآية :( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) لقد قرن الله محبته باتباع الرسول وذكر لفظ الجلالة وعطف عليها الرسول مباشرة بقوله :(اطيعوا الله والرسول ) ولم يقل اطيعوا الله ثم اطيعوا الرسول وفي ذلك اشارة عظيمة لأولي الألباب بأن طاعة الرسول هي طاعة الله ومحبة الله هي عينها محبة الرسول فمن أحب حبيبا لا يفتأ يذكره ومن تولى عن حبه (كما تقول الآية ) فإنه مطرود من المحبة والله لا يحب الكافرين ....
اسرار عجيبة اجتمعت في هذه الآية نسال الله تعالى ان ينفعنا بها .
بقلم 🖋️ البتول جمال التركي