الأرض ضاقت والسماء.. والطريق سار بي نحو هناك، إني أرى الهدوء، أسمع صوت الصمت، تتجلى التوجهات أمامي.. المسار يأخذني نحو الضياع.
ضعت وفقدت الأثر الذي كان يقودني نحو مكان لا يناسبني.. ضعت وعلى غير المعتاد سعدت، هائمة في طرقات أجهلها.. وألوان تماهت فأضحت كلها بلون السماء الحُرّة الواسعة.. لا أرغب بالعودة.
إن بكيت فليس خوفًا، وإن ارتعد قلبي فليس رهبة؛ غرابة الموقف سحرت آمالي فراحت تتبع المجهول في تلك اللحظات.
لا تواصل.. لا اتصال.. إنما اتصالٌ أعظمُ بروحي، بذاتي. حديثٌ مع نفسي.. عجزت أن أصل إلاّ لنفسي.. الجميلة.
عائق المكان.. عائق الزمان.. عائق اللغة.. الأبواب.. والنوافذ تضافرت جهودها كي لا أصل.. أن أبغى ضائعة.
التفاؤل كان يفترش الطريق يعرض عليّ أبدع الأحلام، والإيجاب جلس على الكرسي في زاوية المكان ألقى التحايا وسألني عن حالي، أخبرني أني جميلة.. لم أشعر بذلك الجمال وأنا في زحام الحياة.
قِطّة تنام مرتاحة الضمير على أريكة تزيّن الطريق غذاءٌ للنظر، لا قِطّة تشبهها ولا ضمير يسكن لدى البشر.
صوت الموسيقى اخترق الصمت فتشابكت قدماي ورحت أرقص وحدي، وأنا أبتسم.. ثم شعور السعادة بالضياع.
أجراس تقرع.. خرير الماء.. طيرٌ يدلني على الطريق نحو الخلاص؛ نحو الماء.. نحو الحياة.. نحو المزيد من الضياع.
الشمس تسري أشعتها في نهاية الطريق، وبومٌ مستتر داخل أغصان شجرةٍ عظيمة تعرفه من صوته.
أقف.. لا أرغب بالعودة؛ أتلفت يمنة ويسرة أبحث عن المزيد من الضياع في تلك الطرقات التي لا أعرف غير أنها سراديب تأخذك لاكتشاف خفايا دواخلك.