حركة الإنسان وطريقة تعامله مع الآخرين محكومة بقانون العدل الإلهي ( إفعل ولا تفعل ) أي الابتعاد عن المحرمات والمحظورات والأمر بفعل الخيرات والهدف من هذه القوانين الإلهية هو عدم تردي الإنسان وراء شهوات نفسه وأطماعها ، فكم من أخٍ ظلم أخيه وكم من صاحب لسان بذيء تعدى على غيره بالسباب والشتائم أو الاتهامات الباطلة ، وكم من حوادث تحصل أمامنا يومياً من اتهامات البعض للبعض والانتقاص من بعض ، وغفل هؤلاء بأنَّ الله تعالى قد قال : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) أي الملك الأمين على كل ما يقوله الإنسان ويسجله بدقة متناهية وبأمانة عالية ، ومما جربناه واختبرناه في هذه الحياة هو اقتصاص حق المظلوم من الظالم وكم من مرّة كنت أقرأ هذه الآية الكريمة : ( فمن يعمل مثقال ذرة من خير يره ومن يعمل مثقال ذرة من شر يره ) هذه الآية مرعبة لمن يفهم معناها والآية واضحة وضوح الشمس ومعناها كل حركة أو كلمة يتفوه بها الإنسان سوف يحاسب عليها إن كانت خيراً أو شراً والله تعالى جاء بها بصيغة الرؤيا والمشاهدة فقال : ( يره ) أي يراه رأي العيان ومعنى ذلك أنَّ أفعال الإنسان لا تضيع مهما طال عليها الزمن وسوف يراها الإنسان فإن كان عمله خير يراه وإن كان شراً يراه .
كتاب الإنسان ذكره القرآن الكريم وحدد دقته فقال : ( لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ) ، وطالما أنَّ الإنسان محكوم بقانون فطرته : ( فألهمها فجورها وتقواها ) فهناك من يغلب خيره على شره وهو المؤمن وهناك من يغلب شره على خيره وهو الشقي الظالم لذلك قال الله تعالى : ( ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) ويعمهون من ( العمه ) والعمه هو فقدان البصيرة وعدم التمييز بين الحق والباطل لأنَّ المؤمن على بصيرة يهديه الله تعالى إلى التفريق بين الحق والباطل وأما الذين أصابهم ( العمه ) فإنهم يظنون بأنَّ الباطل حق والحق باطل ألم يقل الله تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) انعدام الشعور هو المقصود ( بالعمه ) في الآية الأخرى .
ليتنا نقرأ القرآن برويّة ، وكلما قرأنا آية فكرنا في معناها وجعلناها مرآة نقيس عليها أفعالنا اتجاه الآخرين بل جعلناها ميزان نزن به أفعالنا ونرى أنها توافق كلام الله أم تخالفه ؟ .
بقلم 🖋️ البتول جمال التركي