الإنسان مركب من مادة (تراب وماء ) ومن روح أو نفس وهذه الخلقة العجيبة لها قوانين تحكمها ، فللمادة تأثير عجيب على النفس أو الروح ، فإذا شبع الإنسان يشعر بالراحة وغالباً ما ينسى غيره أو لا يفكر بهم ، وكذلك يغلظ قلبه وقد يكون قاسياً والعياذ بالله ، والجوع يرقق القلب لأنه يُشعر الإنسان بالضعف فتراه يُفكر بالجائعين ويُفكر بالآخرين فنرى التصدق وبذل الأموال للمحتاجين غالباً ما تكون خلال الشهر الكريم ، ولكن هناك جانب آخر قد ينتبه له البعض وقد يغفل عنه آخرون ، فالله تعالى لا يقبل الصيام من قاطع رحم فمن كانت له خصومة مع أحدٍ من أفراد أسرته فعليه أن يسارع إلى مصالحته ووصله وقد يكون مسكيناً أو محتاجاً أو مريضاً ولا يملك ثمن الدواء وفي حالة الجفاء والبعد لا يدري قاطع الرحم أحوال من قطعهم وخاصمهم وعندما يصلهم ويزورهم يطلع على أحوالهم فتكون مدَّ يد العون لهم أولى من مساعدة البعيد أو الغريب ، وهنا لطيفة عظيمة تتجلى في الآية الكريمة : (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ) .
ثم بيّن الله تعالى خطورة قطع الرحم واتهم قاطع الرحم بالفساد في الأرض والفساد نوع من أنواع الجريمة في فقه القرآن وعُرْف الناس أيضاً فقال عزَّ وجلّ : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم )
ثمَّ أعلن الله تعالى عقوبة قاطع الرحم وهي عقوبة مغلظة مشددة فقال في الآية التي تلي الأولى في قطع الرحم : (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )
فهل ينفع قاطع الرحم صيامه ؟ وهو ملعون وأصم وأعمى فأنَّا يقبل الله من ملعون ؟؟؟؟ .
وجاء بالحديث الشريف ، عن أربع خصال تُدخل الجنة ومنها صلة الأرحام ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " يا أيُّها النَّاس، أفشُوا السَّلام، وأطعِموا الطَّعام، وصِلوا الأرحامَ، وصَلُّوا باللَّيل والنَّاسُ نيام، تدخلوا الجنَّةَ بسَلام " .
لعلنا نقوم بمراجعة أنفسنا قبل دخول الشهر العظيم لنقوم بأعمال عظيمة ترضي العظيم الجبار الذي أمرنا بكل ماهو رفعة لنا وما يقربنا منه ويرضى به منّا . ....