......
شهر رمضان ..... هل نعرفه حقاً ؟ ( الجزء الثاني )
وقد اقترب الشهر العظيم من الدخول في أيام دنيانا الغالب منّا ينوي ختم القرآن الكريم خلال شهر رمضان فمنّا من ينوي على ختمة أو ختمتين أو ثلاث أو أكثر كُلٌّ ومقدار همته ، وقراءة القرآن الكريم سهلة على الغالبية وكما قلنا الهدف من القراءة هي جمع الحسنات وقد يختم البعض المصحف ثلاث أو أربع أو خمس مرات ولكن هل استوقفته آية صغيرة ليدبرّها ويفكر فيها ، وقد جاء بالحديث الشريف أنَّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم طلب من الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود أن يقرأ له من القرآن ومن أدب الصحابة لم يكن أحد يتجرأ بقراءة القرآن بين يدي رسول الله لأنه عليه نزل فقال عبد الله : أأقرأه وعليك نزل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إني أُحبُّ أن أسمعه منك ياعبد الله " فقرأ حتى وصل للآية : ( أفحسبتم أنمّا خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ...) فقال له رسول الله : " حسبك " ( أي توقف ) فقال رسول الله : " والذي نفسي بيده لو قرأ هذه الآية مؤمن بيقين تام ونظر إلى جبل لأزاله " نستخلص من هذا الحديث الشريف التوقف عند بعض الآيات العظيمة للتدبر فيها والتفكر في معناها فما فائدة ختم المصحف ولم نستفد من تعاليم الله تعالى لنا ونحن نقرأ على عجل وننظر في أعلى الصفحة هل انتهى الجزء الذي نقرؤه أم لا ؟ هذه القراءة لا تختلف عن قراءة أيِّ كتاب آخر بل قد نتوقف عند قراءة كتاب عادي عند جملة أو عبارة ما تشدنا ببلاغتها أو جمال أسلوب كاتبها ، ولكن نقرأ القرآن ونطوي الصفحات دون الوقوف على بعض الآيات والقرآن يخاطب كلَّ مسلم وكلَّ مؤمن خطاباً صريحاً فيقول مثلاً : ( يا أيها الإنسان ....) فهل توقفنا وقلنا : ياربِّ أنا إنسان ، فيقول الحقّ : ( يا أيها الإنسان ما غرَّك بربك الكريم ) فهل نرد عليه ونقول : غرني كرمك وعفوك ورحمتك .... هكذا نتفاعل مع آيات الله تعالى ونستشعر بالخطاب الإلهي وكأنه أنزل علينا ، وهو كذلك فالقرآن دستور المسلمين وهو بلسان عربيٍّ مبين أي واضح وصريح وهو ليس بطلسم حتى نحتاج إلى كتب التفسير كي نفهم آياته البيّنة الواضحة ونأخذ آية أخرى : ( ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين ) هل تحتاج هذه الآية إلى تفسير ؟ فهي واضحة وضوح الشمس وأنت وأنا وكل مخلوق من الإنس خلق الله له عينين ولساناً وشفتين فالواجب التفاعل مع الآية فنقول بسرّنا بعد أن نتوقف : نعم يا ربِّ خلقت لي هذه النعم وأنا أتقلب في نعمها لأنَّ الله تعالى عرض الآية على هيئة سؤال استفهام فعلى القارئ الذي يقرأ بحضور قلبه وفكره وجوارحه يتوقف ويعترف بنعم الله عليه ، ثمَّ تعترضه آيات أخرى كثيرة منها آيات تطلب منه التصرف في أمر ما وهي واجبة على كلِّ مسلم فينظر هل امتثل لأمر الله بها أم لا ... ويقرأ آيات النهي عن أشياء ينهانا القرآن عنها فيتوقف وينظر هل انتهى وإن لم يكن انتهى بنهيها يقول : انتهيت يارب اللهم اغفر لي جهلي وإسرافي في أمري .... هذا القرآن العظيم بين يدينا إن لم نتعلم كيف نختمه فأيُّ فائدة من سرده مرّة أو اثنين أو ثلاثة ونحن لم نطبق تعاليم الحق التي أمرنا أن نطبقها وننتهي عن نواهيه التي أمرنا بالانتهاء عنها : ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنِّ والأذى كالذي يُنفق ماله رئاءَ الناس ولا يؤمن بالله واليوم الاخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ) .
إنَّ الوقوف على آية واحدة خلال الشهر كله وتدبرها والعمل بها فأجرها أعظم من أجر القراءة السردية التي لا يستفيد قارئها وهناك البعض ( وهم قلة ) من يقرأ القرآن والقرآن يلعنه والعياذ بالله فهو يقرأ آيات النهي وهو يفعل العكس ويظن بأن الله تعالى يغفر له وهو الممقوت من الله تعالى لقوله عزَّ وجلَّ : ( يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) فماذا نفعل بمثل هذه الآية ؟
القرآن الكريم هو تذكرة ودليل للقرب من الله ونيل رضاه فعلينا أن نتعلم كيف نصل إلى هذه الدرجة .....