أنتَ أنت ...وهو هو
هناك حقيقة قد تغيب عن الغالبية وهي أنَّ لكل إنسان شخصية لا تتطابق مع أخرى مطلقاً فلكلِّ إنسان سعة فكرية تختلف عن غيره ، وما يراه البعض صالحاً لنفسه قد لا يكون صالحاً لغيره ، وما يقتنع به آخر ليس بالضرورة أن اقتنع به ، لذا من فنون التعامل مع الآخرين هي الاعتقاد الجازم بأنَّ الآخر ليس هو أنت حتى لو كان من أقرب المقربين إليك فهناك آباء يريدون أن يكون أبنائهم مثلهم تماماً وغفلوا عن نظرية عدم التطابق في الشخصيات فكم من والد له شخصية فذة في المجتمع ذكي متكلم مفوَّه فصيح ولكن له ابن لا يعرف ذرة من مزايا أبوه ولم يتعلم منه أو يتأثر به على سبيل الغيرة أو المعاشرة والاحتكاك ، لقد كان العالم العربي الجليل الخليل بن أحمد الفراهيدي علم على رأسه نار في فنون العلم والأدب والحكمة والطب فهو الذي وضع السلّم الموسيقي وهو الذي أسس أوزان الشعر العربي واخترع بحوره ، وقد كانت تضيق ساحة بيته بطلاب العلم حتى يجلسون بالشارع ، وله ابن كان ينظر إليهم ويضحك ويقول : أبي مجنون ومجنون من يستمع إليه .
إذا القاعدة الذهبية هي اليقين الكامل والقناعة المطلقة بأنك أنتَ أنتَ والآخر آخر وليس أنت فلا تتعب نفسك وتضيّع وقتك بجعله أنت فلن يكون كما تريد ولكن من الذكاء تقبله كما هو حتى لا يكون هناك (جفوة ) مسافات نفسية بينكما فإذا أردت أن يُحبك الآخر ابناً أو ابنة أو زوج أو أخ أو صديق فعليك تقبله كما هو ويكون لديك يقين راسخ بأنه : أنتَ أنتَ وهو هو مختلف عنك .
بقلم 🖋️ البتول جمال التركي