لا تصدق الحروف مهما أبدع كاتبها في الوصف .. ستجد
في زوايا قلبه ما يختبئ لا تطوله الكلمات ولا الحروف ..
الأحزان لا تتشابه أبداً..
انظر لنفسك ذات يوم كئيب سترى أنك الأشد حزناً على الإطلاق .. ثم تذكر أن هذه العبارة قلتها مراراً من قبل .. وفي الحقيقة أن حزنك هو الذي يختلف ..
هناك من فقد أهله فظن أنه الأشد حزناً على الاطلاق .. وهناك من يظن مرضه نهاية الكون .. وآخر غير آمنٍ في وطنه .. وآخر فقد قلبه حين غادره من يحب .. وآخر يتضور جوعاً في بلدٍ عمه الخراب...... الكثير الكثير ..
أتعلمون من هو الحزين حقاً؟..
قلبٌ ليّن يشعر بمعاناة الجميع ويحملها فوق حمولة قلبه ..
هؤلاء البؤساء ليسوا وحدهم من يعانون البؤس ..
هناك من لا تهنأ له حياة وقلبه ممتلئ بحزنه وحزن غيره ..
من المؤلم حقاً أن يكون داخلك قلباً يحمل الجميع من حولك ..
تشعر أن قلبك يوشك على الإنفجار ولا تملك القدرة على البوح أصلاً.. تخشى أن تلوث من حولك بهمومك وأنت المليء بهمومهم ..
تخيلوا فقط ..
أن تشعر بأنك مجبر على التمثيل .. ليس ليوم .. ولا لشهر .. بل لدهر!!
أن تجبرك الحياة على العيش من أجل غيرك وأنت تدرك أنه على حساب قلبك ..
لا تظنّوا أن هذه المشاعر قليلة .. تأملوها .. تعمقوا في تفاصيلها ..
أنا معنيٌّ في تفاصيل كفيلة أن تحرق روحاً وسط محيط القطب البارد ..
أجل .. تخيلوا أيضاً..
أن أهلك اللذين هم سندك وظهرك .. لا يهمهم أمرك بل يملأونك بهمومهم في كل مرة تلوذ إليهم ليشعروا بك .. فتجد أن همومهم تهاجمك قبل أن تفتح فمك ..
تخيلوا أنك تهرب من كل هذا وأكثر.... وأكثر .. وأكثر إلى قلبٍ تحبه .. رؤيته لك مُسكّن يخفف عنك حمل قلبك فتلقيه إلى أن يعود .. وحين تلقاه ينهش قلبك دون رحمةً لحالك وهو الوحيد الذي يعلم أنك هاربٌ إليه من قهرك ..
تخيلوا ..
أن قوتك خارت حقاً .. وبات التعب يأكل عظمك وهرمت في عز شبابك ..
أعنيها بصدق .. حين تشعر بالهرم وقلبك مثخنٌ ودمعك في مقلتيك جف والكلمات في حلقك وقفت .. وقلبك أنهكه العتب حتى بات الكتمان يسوده فانطفأ ..
صدقوني .. حتى هذه الكلمات كاذبة جدا إذا قلت لك أنها هي حقا ما أعانيه فقد كتبها كهل في عمر الزهور ..
صدقوني وأقسم لكم أن الحزن حقاً لا يُكتب.
سيدة الميزان