المملكة العربية السعودية وجدت نفسها على أنها تضم مدينتين عظيمتين أمام المسلمين ، هما مكة المكرمة والمدينة المنورة ، فمكة المكرمة يتوجه إليها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها خمس مرات في اليوم والليلة في صلواتهم نحو الكعبة المشرفة.
فأما المدينة المنورة شرفها الله بمسجد رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفيه روضة من رياض الجنة .
إن الملك عبد العزبز - رحمه الله- لما أسس المملكة العربية السعودية على أسس متينة ، وأدرك منزلة الحرمين الشريفين جعل أول اهتمامه اتخاذ شرع الله دستورًا للملكة ، فجعل القضية الإسلامية هي الأولى في سياسة المملكة العربية السعودية ، من تعليم وتوجيه وارشاد ودعم ، والكل يشهد بذلك ، فلاتجد موطئ قدم في العالم الإسلامي إلا وللملكة دور في التعاون المستمر غير المنقطع .
فسار على هذا النهج العظيم أبناؤه القادة من بعده ، مراكز إسلامية ومساجد ومدارس ودور أيتام في العالم الإسلامي يأتي ذلك تحقيق للتضامن الإسلامي .
وجاء هذا العهد المجيد العظيم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين الامير محمد بن سلمان - حفظهما الله - فكانت للملكة شأنا عظيما في الازدهار والنمو في جميع المجالات يرى ذلك من كان له قلب سليم ، وفهم دقيق .
وللشباب دور عظيم في خدمة المجتمع وتحمل المسؤولية نحو البناء ، وهو أمر لايتحمله أي شاب ، إلا من استشعر دوره في الحياة وقذف الله في قلبه محبة الأمة وخدمتها لنيل محبته ورضاه .
فمن هنا خرج الشاب الطموح الفطن اللبيب صاحب الرؤية الثاقبة ، والنفس المطمئنة ليقود سفينة النجاة فوق أمواج البحار إلى بر الأمان ، إنه الامير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية.
لقد اتخذ موقفًا حاسما لترتيب وتهيئة الأجواء لتوجيه رسالة الدعوة الإسلامية إلى العالم بصورة مشرقة دون غلو أوتفريط ، وإنما بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن كما جاء في قول الله تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ).
وهذا هو الواقع الذي ينبغي ان يتعامل المسلمون مع غيرهم الحكمة والموعظة الحسنة ، فوقف الشاب الطموح الثابت القوي بإيمانه ولي العهد - حفظه الله -مثبتا أمام ألعالم جميعا ريادة المملكة العربية السعودية في خدمة الإنسانية دون ضرر ولاضرار ، الكل تحت دائرة الإنسانية أولا ، وهي التي جاءت الأديان السماوية لتثبيتها .
إن الفكر الإرهابي الذي دخل في الاذهان منذ قيام الجماعات المتطرفة بنشره منذ منتصف القرن الماضي كان للملكة نصيب في ذلك ، وليس هذا سوى حسن نية المملكة العربية السعودية وحبها لفعل الخير ، وهذا لما تم طرد رموز التطرف من بلدانهم فتحت المملكة العربية السعودية قلبها لاستقبالهم للعيش في جو آمن ، لأنها مملكة العدل وانصاف المظلومين كما قال الله في حقها ( أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء ...).
ولكن في مقابل ذلك أراد أولئك الاشرار أن يحولوا المنابر إلى منابر إشعال الفتن ، وإلى المدارس بؤر زرع الطائفية وتفكيك وحدة الوطن .
فوجد ولي العهد - حفظه الله - خير معين في تنقية وتصفية المفاهيم الخاطئة التي شوهت سمعة الإسلام أمام الاخر حتى صار ينظر اليه نظرة الكراهية والعداوة والبغضاء ، فكان ساعده الأيمن الداعية المحنك المتواضع لله الشجاع الذي ليله ونهاره في خدمة دينه ووطنه ، إنه معالي وزير الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد الدكتور الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله.
قام آل الشيخ محاربا للإرهاب قولا وعملا من خلال تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة الحكيمة ، فتم تجفيف منابع الإرهاب من خلال الجمعيات التي كانت تتستر بالإسلام للاسترزاق فقط ، في وقت لقيت المملكة العربية السعودية ضررا كبيرا من هذه الجمعيات والمؤسسات الارهابية التي كانت تدافع عن الارهاب ، ولكن بفضل الله ثم بمواقف آل الشيخ بمساندة ودعم صاحب السمو ولي العهد الأمير البطل تم محاربة الإرهاب واستئصال جذوره داخل المملكة العربية السعودية ، والأمل المنشود محاربته عالميًا ليعود الناس إلى دين الله متعاونين رحماء فيما بينهم تحت ظل المحبة والسلام .
اذا قلنا أن بن سلمان بطل فلن ينكر ذلك إلا إرهابي متطرف ، فبطولته ظهرت في محاربة التطرف والارهاب فكريا وكان ذلك في تأسيس مركز الحرب الفكرية في الرياض ليكون منبعا من منابع الفكر الاسلامي المعتدل الداعي إلى الوسطية ونبذ التطرف والإرهاب ، ثم دعوته إلى محاربة الإرهاب عسكريا فدعى إلى التحالف الإسلامي العسكري للدول الإسلامية بقيادة المملكة العربية السعودية ، فتمت تلبية أكثر من ٤١ دولة مسلمة ، تشارك في عملية التخطيط واتخاذ القرار ، وبملك التحالف غرفة عملية مشتركة مقرها الرياض .
لقد استطاع بن سلمان أن يجمع ببن الفكرة والحزم ، لأن الحرب على الإرهاب يجب استئصاله بشتى الوسائل ليعيش الكل في أمن وأمان ، فاختار سمو ولي العهد - حفظه الله - ذلك فصارت النتيجة أن أخمد ناره واستأصل جذوره ، وأصدرت الخارجية الامريكية بيانا وضعت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب وتتبنى الوسطية والاعتدال وذلك بجهود معالي وزير الشؤون الإسلامية السعودي الدكتور الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله- في تنفيذ توجيهات خادم الحرمبن الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله .
بقلم الشيخ : نورالدين محمد طويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا