تحدثت في موضوع سابق عن الشغب الاداري ، وهو مصطلح فلسفي يصف حال الموظفين مع التغيير ، وخاصة مقاومة التغيير .. ولتقريب الصورة والمقصود استخدم لفظاً مجازياً فلسفياً لتوضيح المعنى ومفهوم العبارة (#مقال #الشغب_الاداري )
أما (الباخوسية الوظيفية) فهي ايضاً مصطلح فلسفي مجازيٌ مركب لبعض ممارسات الموظفين في المنظمات في حال تطور (الشغب الاداري) واصبحت المقاومة تأخذ منعطف خطير . وهو ما ينطبق على الفرد ،أو المجموعة أو المنظمة أو حتى المجتمع . الذي انغمس في مقاومة التغيير لما حوله .
سأوضح لكم الفكرة بشكل أعمق !
هي كلمة يونانية ، سمى واطلقت على إله الخمر اليوناني (باخوس)
وهو : إله شعبي قدسه عامة الشعب نكاية بآلهة النخبة، وكانوا يحتفلون به بطريقه ماجنة في تحدٍ لطريقة النخبة في أدائهم لطقوسهم الدينية .
حيث كانت العامة (الرافضين للتغيير ) والكارهين للتطوير ، والراغبين في البقاء على ماكانوا عليه ، دون ترك فرصة لعقولهم للتفكير بها أو عرضها على ميزان العقل . حيث ترتدي( العامة) ملابس رثة أو ماجنة ، وأقنعه مضحكة، أو مخيفة في احتفالات (باخوس) . نكاية برجال النخبة وآلهتهم .
تعتبر (الباخوسية اليونانية ) شكل قديم للصراع بين (النخبة المتعلمة) و (العامة ) . خاصة في الأزمنة المتطرفة التي تلجأ فيها العامة لدوافع معينة إلى المبالغة في إبراز الصفات السلبية والعشوائية والاحتفاء بها باعتبارها الجوهر الحقيقي التلقائي والعفوي والأصيل للشعب!
أو بمفهوم إخر :
يمكن أن يقال عنها أنها احتجاج سلبي وعكسي عن العجز عن التغيير إلى الأفضل في لحظة معينة..
هذه اللحظة التراكمية، لحظة الانغماس في المقاومه، ورفض التغيير بكافة اشكاله ، فينتقل الشخص أو المجموعة من حالة المقاومة والرفض، إلى حالة (اليأس) ليجدوا أنفسهم مضطرين إلى الدفاع عن السلبي ، فتَتَلاشى الإيجابية، ويُقَدس مادونها من السلبية. لأن( الشخص / المجموعة) غير قادرين على تغييره لماهم عليه من صفات أو سلوك ، أو لما لديهم من مستوى معرفي . أو مواكبة التطور الحاصل ، والانخراط في عمليات التطوير المتبعة ، أو التقليل من الطموح ، والتشكيك في الرؤى الإستراتيجية التي سيتم اتباعها .
وهذا فعلاً ما ينطبق على الفرد أو المجموعة ، أوالكيان المؤسسي أو على المجتمع ،ليصبح سلوكاً أو عادة ، التصقت بالفرد أو المجموعة لوقت طويل بصفة سلبيه وعجزوا عن تغييرها، وصار الآخرون يلاحظونها ويلمسونها ، لدرجة أنهم يُعَايرونَ بها .
لذا لا حل أمام ( الفرد / المجموعة ) إلا الدفاع عنها باعتبارها ايجابية وليست سلبية.فتصبح مع الأيام عادية في نظر ممارسيها ، وليست فعلاً معطلاً للتطوير الفردي والمؤسسي والمجتمعي ، ومبطئاً للنمو ، ومعيقاً للتنمية .
لذا يجب على الفرد مراقبة سلوكه وعاداته ، وقياس مدى مرونته ، وتعامله مع التغيير والسرعة في التغير ، حتى لا يفقد القدرة على المواكبة . والسير في الإتجاه المعاكس لذاته، وبالتالي لمحيطه وبيئته ولمجتمعه ، فتظهر وتتفشى ( الباخوسية) ويتخلف عن الركب .
إن الفرد الواعي ، والمنظمات الناضجة ، والمجتمعات المتعلمة تلك التي تعي تماماً متى تحتاج إلى استشعار ضروؤة التغير ، و دق جرس الإنذار ، ورفع راية التغيير ، وحمل عتاد التطوير ، لخوض معركة التغيير ، بما يتلائم مع امكاناتها وتلبي احتياجها وتحقق أهدافها ، بما لديها من مهارات وخبرات متبادلة ، والتنوع في ( التكتيك والتكنيك ) تستوجب إرادة مشتركة ، وقيادة فاعله وداعمة، للوصول لبر التحول ، ومواكبة صفوف الركب ، ومن ثم لضمان الاستدامة .
تحياتي
عثمان عطا