على عكس ما اتقنه مدربوا تطوير الذات أو "كوتش" حسب التسمية الحديثة في نقل قصص الناجحين فقط، فهذا المقال سوف ينوه بجهود المهمشين واللذين لم يواصلوا رحلة النجاح في حياتهم أو لم يكتب لهم القدر أن يبصروا نجاح أفكارهم الوقادة التي أنارت العالم بل واعتمد عليها الناجحين ليوصلوا مسيرة العطاء البشري لهذا العالم. أولا لا بد أن نستبدل كلمة " فاشل" ب "نجاح لم يكتمل" فنجاح أي فكرة في مجالات عدة بالعالم لا يعتمد فقط على جهود صاحبها بل للظروف المحيطة به والبيئة التشجيعية والفكر السائد ذلك الوقت له اليد العليا في وصول الفكرة لإكمال رحلة النجاح أم لا. ولنستعرض بعض من لم يرى نجاحه رغم ابداعه المبتكر : الفنان الهولندي فان جوخ مات جوعاً وفقراً رغم أن ارخص لوحة له تكفي ميزانية عدة مشاريع مختلفة، العالم جالييلو حين اظهر نظرية الشمس هي مركز الكون بدلاً من الأرض، توفي معزولاً مسجوناً عن المجتمع لأن أفكاره عارضت الطبقة الدينية في تلك الحقبة، الطبيب سيميلويس وهو من اكتشف ضرورة تعقيم اليدين قبل ان يدخل الطبيب والقابلات غرفة الولادة ورغم ان تطبيق فكرته أنجزت إنخفاض كبير في عدد الوافيات "حمى الولادة" لكن الطبقة الأرستقراطية حاربت أفكاره، فأيدي الأطباء " نظيفة تماماً" لأنهم من طبقة راقية بالمجتمع وليسوا فلاحين، حتى توفي مقتولاً وهو نزيل في مستشفى الأمراض العقلية. ادغار الان بو ، الكاتب الأمريكي العبقري والناقد الفذ وهو أول من كتب القصص البوليسية والرعب والفانتازيا ، أصيب بالاكتئاب لإهمال المجتمع له حتى توفي في العقد الثالث من عمره ، مخموراً على قارعة الطريق، ولا ننسى عباس بن فرناس أول من حاول الطيران بالعالم والكثيرين من المخترعين والمكتشفين والعلماء اللذين اسسوا نظريات وأفكار عبقرية، بنى عليها الناجحون ابراجهم العاجية.
القائمة تطول وللأسف، التاريخ يركز على الناجحين و يهمل غيرهم، ختاماً أعمل ما تحب وتبرع فيه وواصل ابداعك والأهم دون افكارك واعمالك ، بغض النظر كيف ينظر إليك العالم، فالبشر يتغيرون ثم يتغير العالم تباعاً.
م. علي الماجد