لا ينكر أحد أساطير الالعاب الرياضية بالعالم، فلقد فرضوا أنفسهم حتى على من لا يفقه أبجديات الرياضة أمثال مارادونا في لعبة كرة القدم أو مايكل جوردون في كرة السلة ومن الذي لا يعرف أسطورة الملاكمة العالمي محمد علي كلاي . والأخير فرض نفسه ليس على محبى الرياضة العنيفة فقط، بل على العالم أجمع. و ذلك ليس بسبب سرعة لكماته وحسب بل بسرعة ردوده الذكية التي تلقاها من الجمهور باختلاف توجهاته وافكاره . محمد علي ابتكر عدة أساليب بالملاكمة مثل "الحبل النطاط" حيث تظهر الضعف في البداية ثم تفاجىء خصمك باللكمات القاضية وهكذا انتصر على جورج فورمن الذي لا يقهر و يعتبر أكبر سناً من فاز بالبطولة من الوزن الثقيل. كما ابتكر أيضًا "تحرك كالفراشة وألسع كالنحلة" وهي حركة مناورة مهمة لكشف ثغرات الخصم. يقول فيلسوف الشارع"ايرك هوفر " ليس أسعد حظًا ممن يموت وهو في قمة مجده. محمد علي لم يتقاعد وهو في قمة مجده الثالثة حين فاز ببطولة العالم في الوزن الثقيل رغم أن بوادر مرض الباركنسون قد بدأت بالظهور ونصحه الأطباء بالتقاعد وقد فعل هذا لمدة بسيطة ولكنه عاد وتحدى لاري هولمز ، ونصحه المدربون بعدم خوض غمار تلك المباراة، ليس لأن لاري هولز، خصم لا يستهان به عالميًا، بل بكونه شريك محمد علي بالتدريب وهكذا عرف كل اسراره ونقاط ضعفه.
محمد علي، رغم ذكاؤه وقوته، اتركب خطأ فادحاً حين خاض تلك المبارة، التي دُكت فيها حصونه حتى الأنقاض وكان فيها لاري هولمز خصم خالي من أخلاق الرياضة، لأنه لم يحترم المدرب الفعلي له وقد كان واضحًا أن محمد علي يعاني من علة مرضية فكان يجب عليه أن يكون رحوماً به .انهزم محمد علي لينتهي مشاوره بشكل مفجع بدلًا من نهاية مشرفة.
الخصم الذي انتقم لمحمد علي هو الملاكم الحديدي تايسون الذي اقسم ان ينال بثأر محمد على كلاي وفعلاً هذا ما حدث فتايسون ، وهو في الربيع العشرين ، يعتبر أصغر ملاكم فاز بالبطولة أعتلى المجد ودمر لاري تمامًا ليهنئه محمد علي بعد المبارة ولم يخسر هولمز المبارة فقط بل حتى احترام الجمهور.
بالمقابل هُزم تايسون " الحديدي " بشكل مفاجئ من خصم مغمور وهو بستر دوغلاس . رغم كون تايسون في قمة مجده و لم يصمد خصم امامه بعد ضرباته القاضي. لكن بستر دوغلاس تلقى كل ضربات تايسون و سقط ثم عاد ووقف ليهزم البطل بشكل عادل في مباراة عالمية المقاييس.
ما جعل بستر دوغلاس يقف بعد كل تلك الضربات هو عامل أقوى من قوة عضلاته وتدريباته بل كلمات والدته التي توفيت قبل المباراة بثلاثة ايام وهي تردد أمام العالم أن ولدها سيهزم تايسون . دوغلاس حول حزنه العميق بعد وفاة امه الى طاقة تفجرت في وجه تايسون الذي لم يتوقع هذا الخصم العنيد.
خلاصة تلك التجارب هي كالتالي : لن تعتلي المجد والقمة إلا بعد أن تملك الدافع المناسب القوي الذي يشحذ همتك لتدمير كل خصومك. هكذا انتصر محمد علي و تايسون ودوغلاس .الأمر الثاني هو أن لا تهتم لظروف خصمك أو تتأثر له، فالغاية هي الفوز والفوز فقط. الأمر الثالث هو التحلى بالاخلاق عند فوزك أو حين تضمن فوزك. الأمر الرابع ، لن تملك المجد إلى الابد ، لذا تواضع وارحم تاريخك و إنجازاتك وصحتك واترك القمة لغيرك حتى لا تخسر كل شيء عملت من أجله، الأمر الخامس وهو الأهم ، سوف تسقط مرارًا خلال مشاورك نحو هدفك، القوي الحق، هو من يقف بعد كل سقطة مهما قست الضربات. ختامًا حاول أن تتمتع بكل لحظة حتى الخسارة
م علي الماجد