لو تم نقل الصور الي بدون ذكر التاريخ أو المدينة، لقلت أن ما حدث هو صور من الحرب العالمية الأولى أو الثانية. الرماد الذي تراكم في الشوارع والدمار الذي انتشر واشلاء الجثث المنتشرة في الشوارع تدل على مصيبة عظيمة جداً.
بيروت بلد الجمال والفن والأدب والروعة، من الصعب جداً على شخص عاصر بيروت حين كانت تلقب بسويسرا الشرق ، أن يتخيل كيف أنحدر هذا البلد الرائع إلى ما وصل إليه الآن.
كوني مهندس خبير في المصانع، فأقول بكل ثقة إن ما حدث من إنفجار ضخم، لن يتجاوز ثلاثة امور، إهمال في جدول الصيانة ، قلة خبرة او تسرع المشغلين او عملية مدبرة. وبالتركيز على الأمرين الأوليين فإن الانفجار ليس وليد اللحظة. وإنما إرهاصات وتراكمات الواحد تلو الأخر، كل انفجار أو حادث، يسبقه عشرات المخالفات وتجاوزات حدثت تحت سمع ونظر القائمين على المصنع. لعل جدول الصيانة تعرض للتأجيل أو معدات انتهت مدة صلاحيتها. لعل المشغلين لم يلتزموا بتدابير الامن والسلامة.
هكذا تحصل الكوارث الصناعية بالعالم مثل تشرنوبيل ، يصعب التصديق أن سبب إنفجار هذا المفاعل الضخم الذي خلف قتلي وضحايا وخسائر جمة، هو إجراء روتيني ، بروتوكول للسلامة يعتبر اختبار تدريبي لجودة المفاعل. ولكن لأن من قام به هم موظفين جدد بينما تحتاج العملية اناس ذوي خبرة ولابد أن تتم بالنهار تحت إشراف مهندسين اكفاء، حصل الانصهار ومن ثم انتشار الغازات السامة إلى اكثر من بلد بالعالم .ورغم شراسة النظام ذلك الوقت، لم يتم معاقبة المشغلين لانهم نفذوا الاوامر فقط وإنما انزل اشد العقاب
بالمسؤولين عن المصنع .
رحمة الله على الضحايا واللهم أملأ قلوب ذويهم بالصبر والسلوان. ما حدث عبارة عن كابوس ولن يفارق الأرض والمنطقة بسرعة وسيظل اثاراه باقية في الذاكرة قبل أن تكون في الارض.
أنا على ثقة أن شعب لبنان العظيم سوف يتجاوز هذه الازمة و سينهض منها قوياً كما نهض من مصائب اعظم منها بكثير اذا اتحد الجميع وركزوا على اصلاح شؤون البلد بدلا من تبادل التهم .كلنا نحبك يا لبنان يا ارض الأرز والسلام