الطفل المولود اليوم سيكون في الثلاثين من العمر في عام 2050. وسيظل هذا الطفل موجودًا في عام 2100 بإذن الله، فما الذي يجب أن نعلمه هذا الطفل حتى يصبح طالبا ومواطنا نشطا ومزدهرا في عام 2050 أو القرن الثاني والعشرين؟ وما نوع المهارات التي يحتاجون إليها من أجل الحصول على وظيفة تناسب عالمهم، وكيفية فهم ما يحدث حولهم في هذه الحياة.
لا أحد يعرف ما الذي سيكون في المستقبل، ولا ما سيفعله الناس من أجل لقمة عيشهم، ولا نعرف ماهية الحياة هناك، ولكن من المحتمل جدا أن يخضع جسم الإنسان لثورة غير مسبوقة، وذلك بفضل الهندسة الحيوية المباشرة من الدماغ إلى الكمبيوتر. التعليم في الماضي كان من المنطقي أن تُحشر المعلومات في أدمغة الأطفال لأن المعلومات والمصادر كانت شحيحة. أما اليوم فقد غُمرنا بكميات هائلة من المعلومات، وأصبح الناس في جميع أنحاء العالم على بعد نقرة واحدة من مشاهدة درس عبر الإنترنت إلى مشاهدة الأحداث في القمم الجليدية في القطب الشمالي.
فماذا يجب أن نعلم؟ المدارس لابد أن تتحول إلى تدريس ثلاث عناصر للطلاب وهي التفكير النقدي، التواصل والتعاون، والإبداع مع التركيز على المهارات الحياتية للأغراض العامة. والأهم من هذا كله قدرته على التعامل مع المتغيرات الجديدة وتكيَفه معها، والحفاظ على توازنه العقلي في المواقف الغير مألوفة.
التكنولوجيا قد تساعدك كثيرًا، ولكنها إذا اكتسبت القوة على حياتك، فقد تصبح رهينة لجدول أعمالها وقد تخدمها بدلا من أن تخدمك.
إنها ليست سيئة إذا كنت تعرف ما تريده في حياتك، أما إذا كنت لا تعرف فسيكون من السهل جدًا عليها أن تشكل أهدافك وتتحكم فيك.
لمواكبة عالم 2050، ستحتاج إلى القيام بأكثر من مجرد اختراع، ستحتاج إلى أفكار جديدة ومنتجات جديدة، ولكن قبل كل شيء، أعد ترتيب نفسك وأعد ابتكارها مرارًا وتكرارًا.
النجاح في هذه المهمة تحتاج معها إلى الكثير من الأعمال، إلى معرفة عمل نظام التشغيل الخاص بك بشكل أفضل، ومعرفة ماذا تريد أن تكون؟ أعظم نصيحة قدمها لنا الأنبياء والرسل أن تعرف نفسك. فلآن لديك منافسه تسابق مع القرن الحادي والعشرين، وأصبح العالم اليوم يخترقون كل شيء بسرعة فائقة. الاختراق ليس لهاتفك الجوال ولا لجهازك الكمبيوتر ولا لحسابك المصرفي، ربما سمعت أننا نعيش في عصر اختراق أجهزة الكمبيوتر، ولكن هذه نصف الحقيقة، ففي الواقع نحن نعيش في عصر اختراق البشر، وقرصنة البشرية.
الخوارزميات تراقبك الآن. إنهم يراقبون أين تذهب، وماذا تشتري، ومن تلتقي به. سرعان ما سيراقبون جميع خطواتك، كل أنفاسك، كل دقات قلبك. يعتمدون على البيانات الكبيرة والتعلم الآلي للتعرف عليك بشكل أفضل وأفضل. وبمجرد أن تعرف هذه الخوارزميات عنك أفضل مما تعرفه من نفسك، فحينئذ يمكنها التحكم بك والتلاعب بك. في النهاية إنها مسألة معادلة بسيطة: إذا كانت الخوارزميات تفهم بالفعل ما يحدث فيك أفضل مما تفهمه بنفسك، فإن عصا التحكم " كنترول " ستتحول إليهم.
قد تكون سعيدًا بتنازلك للخوارزميات والثقة بها لتقرر الأشياء لك ولباقي العالم. فإذا كنت كذلك، فقط استرخ واستمتع بالرحلة، ستعتني الخوارزميات بك وستتكفل بكل شيء فيك. أما إن كنت ترغب في الاحتفاظ ببعض السيطرة على وجودك الشخصي ومستقبل حياتك، فيجب عليك الجري أسرع من الخوارزميات، والتعرف على نفسك بشكل أكبروأكبر وقبل أن تركض بسرعة تذكر بأن لا تأخذ معك الكثير من الأمتعة. اترك كل أوهامك وطرائقك التي تعلمتها في الماضي حتى لا تُصبح ضحية لماضيك فأنت في عالم متغير.
أ.سعيد بن عزيز