لا يختلف أحد على أن فترة المراهقة يصحبها تغيرات بيولوجية مفاجئة، خصوصًا في النمو البدني السريع المصحوب بالانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة، والتي تصحبها تغيرات جذرية في شكل الأصدقاء وتركيباتهم.
...هناك كثير من المخاوف التى قد يتعرض لها المراهقون في المدارس، فلو نظرنا إلى مدارسنا، نجد أنها تضم بين جنباتها مجموعات من الطلاب المراهقين، خصوصًا في المرحلتين: المتوسطة والثانوية، حيث يسعون لإبراز هُويتهم من خلال كسر كل ما هو مألوف، والتمرد على القوانين والأنظمة المفروضة عليهم .
علي صعيد آخر، نجد أن المراهقين يمثلون أكثر الشرائح العمرية استخدامًا لأساليب التنمر، سواء التنمر الإلكتروني( باستخدام الإنترنت والتشهير بالضحية) أو التنمر اللفظي المباشر، أو التنمر الجسدي.
المتنمِّرون ذوو شخصية استبدادية، تحوز مستوى عاليًا من الهيمنة والسيطرة، قد يكون الحسد دافعًا لتسلطها، أو تعزيز ذاتها من خلال إهانة الآخرين، وذلك بعدم الترحيب، أو الإساءة اللفظية، أو إطلاق المسميات المهينة، أو كتابتها على الحائط باسم الضحية، أو الرسم بعبارات إيحائية.
الحقيقة، إن "التنمر" ليس فقط إيذاء للطفولة أو المراهقة، بل إنه إيذاء لكل شخص مر به، بل يعد تحرشًا يصل إلى إقصاء الآخر على أساس ثقافته، أو أصله، أو اللون، أو الإعاقة.
لقد "أثبتت دراسات عديدة أن الاطفال المعاقين أكثر عرضة واستهدافًا للتنمر، بل هناك علاقة بين التنمر وإعاقات النمو مقارنة بأقرانهم العاديين، وذلك لضعف جسم المتنمر، وضعف مهاراته الاجتماعية التى قد يستغلها الشخص المتنمر ضدهم.
..وبما أن المدرسة هي البيئة التي تأوي ضحايا التنمر غالبا. كان المراهقون في المدارس في حاجة ماسة إلى تهيئة بيئة آمنة تشعرهم بذواتهم، وتساعدهم في تنمية الجوانب الإيجابية في شخصياتهم، وتحفزهم على الإنجاز الأكاديمي.
.. مقال اليوم دعوة لإيقاف ذلك الجزء المؤلم من هؤلاء المتنمِّرين وما يمارسونه من إهانة الضحية أمام الآخرين، مما يجعله يتساءل :
لماذا يتعامل معه الآخرون بهذه الطريقة؟
هذه الطريقة تسبب تدمير تقديرهم لذواتهم؛ لوقوعهم ضحية للتنمر، والخوف من مواجهة الإحساس بالخزي، ومن عدم قدرته على الدفاع عن نفسه، أو الخوف من ألا يصدقه أحد، فيخلق لديه دافعا للانتقام، بتجسيده لهذه الشخصية، فيزيد من تفاقم المشكلة على المجتمع بأكمله.
ومرة أخرى ؛
ربما يتنمّرون...
باحثة دكتوراة
مبتعثة في الولايات المتحدة