نمضي إلى أن معرفة الإيمان تعطي دفعا ذاتيا للفرد، فالله -سبحانه وتعالى- ليس بحاجة لإيمان احد، ولن يزيد شيئا في ملكه أوينقص. وقد تضمنت هذا المعنى آيات عديده في القرآن الكريم، فالاحتياج هنا للعبد وليس للمعبود، للمخلوق وليس للخالق، فالإنسان يبحث عن دين ويبحث عن إله، عندما يكون هناك فترة من الرسل ولان الإنسان ينسى ويتمادى ويحرف،بدأ يصنع له آلهة من الحجر أو من الشجر (الأصنام)، قد يكون لأن الناس لديها مشاعر وأحاسيس، ولديها معنويات تبحث عن المعنى لتحس بالقيمة والماهية للحياة،وحبه في التميز عن الحيوانات وبقية الكائنات ، وأمام صعوبات الحياة وتقلباتها المادية لابد من الاستعانة وإيجاد ما يدعمه معنويا ولملء الفراغ الروحي ،غير الذي يحتاجه من الدعم المادي الذي لا يشبع الروح، كما أن الجماعات بطبيعتها تحتاج إلى رابط مشترك للالتفاف حوله لتقوية روابطهم الاجتماعية، فصنعوا التماثيل وألّهوها وعبدوها، ليلتفوا حولها ويلجأون إليها عند المحن (ود ويغوث ويعوق وسواع ونسرا واللات والعزى ومناة...أصنام كثيرة كان بعض منها آلهة تعبد، وبعضها كانت وسيلة تقرب في العبادة إلى الله كما هي الأضرحة حاليا).
كما ظهرت ديانات وعبادات وآلهة شتى لكن بعض هذه الديانات (تشريعات وضعيه)اندثرت وانتهت بعد ان بعث الله الرسل، وبعضها لا يزال قائم ولكل منها شريعة ومنهاجا، وكل اصحاب تشريع او معتقد يرى في معتقده ومنهجه الصحة والحقيقة المطلقة، لكن الحقيقة المطلقة شدة احتياج الإنسان للدين والمعتقد حتى وإن كابر وزعم انه بلا معتقد ،تجده يخلق له من أفكاره معتقداً ومنهجا -إلهه هواه- حتى وان استهوته نظرية يتبعها ويطبقها أو فكراً من أوهام وفكر بشر مثله (ضل وأضل)وهو مجرد تابع ضال من اتباع مضل، وتجده يتعامى عن الفكر والتشريع الإلهي ويتهمه بالتقادم والرجعية والتخلف، ذلك خيارهم حتى وإن كانوا على باطل، لكنهم يستكبرون ويتضجرون عند سؤالهم عن المآل بعد الموت، والملاذ عند اشتداد الكربات، الحياة عندهم مجرد حياة وفناء ابدي، ولا حاجة للملاذ، متجاهلين الحكمة من وجود العقل للبشر دون سواهم، وعن استخفلافهم لأعمار الأرض، وعن معنى لحياتهم التي لا يعلمون معنى لها، مجرد التمتع والشعور بحرية زائفه ،القوانين التشريعية والوضعية وضعتها لكل الناس، فاي تميز وشعور امتازوا به ؟ غير ضيق العيش وتأنيب الضمير الذي يهربون منه للكدح المتواصل وخسران الدنيا والآخرة، سخر الله للكائن البشري كل ما في الأرض، ومنحهم الله -سبحانه وتعالى- العقول لمعرفته والاعتراف بنعمه وآلائه، ومن ثم عبادته -جل وعلا- عبادة فائدتها تعود بالنفع للعابد وليس للمعبود، فهل عقولهم -فعلا- عاجزة عن ادراك الحقيقة؟! نأمل لهم الهداية.
حتى الان لم يأتي تشريع ونظام محكم متكامل من عند غير الله سواء في الحضارات القديمة والعصور الغابرة منذ آلاف السنين بل منذ خلق آدم عليه السلام حتى الآن، وما شهدناه -مؤخرا- من فشل الأنظمه والتشريعات الوضعية إلا دليل على النقص وعدم شموليتها واكتمالها وعدم ديناميكيتها لاستمرارها أيضاً، فشل الاشتراكية الذريع كان يكمن في سحق الفرد لصالح الجماعات فسقطت سقوطا خيب آمال عُبادها من القوميين والاشتراكيين، وها هي الرأسمالية نراها تترنح، وفشلها الذي نشهده حاليا يكمن في سحق الجماعات من أجل أفراد يجمعون المال والنفوذ والسلطة.
إنما نشهده حاليا من سقوط وتهاوي الرأسمالية والنظام الاقتصادي العالمي، والذي حاولت فرضة وعملت المستحيل لإنجاحه قد أثبت فشله وسقوطه خير شاهد ودليل .
كما ان التمادي في الحريات التي شرّعوها بشكل مطلق والتعدي على الإنسانية باسم الحرية غير محمود العواقب، وأن من كان يعتقد أنه أحسن من الله صنعا، ويتلاعب فيما خلق الله من الجينات والكائنات ، لا شك أنه بذلك يتجاوز حدود حريته، وحتى إن استطاع وحقق شيئا من ذلك بحكم سنن الله الكونية في البحث والعلم والاجتهاد الذي يتوصل اليه العقل البشري بفضل تراكم العلوم ، لكن بما ينفع الناس وشريطة الا يكون في ذلك تغيير لخلق الله ولا يؤدي إلى هلكة وهلاك، الله استخلفنا لعمار الأرض وليس لإفسادها ،وليست هناك حرية في غير ما ينفع الناس، وكان الهدف للشر اقرب منه للخير.