هرب إليه مستقبلاً فاتحًا ذراعيه، صرخ من البعيد "لا" مُحذّرًا؛ ثم جثا على ركبته وبكى.. عيناه ترى حبيبًا يبكي، لا يقوى على احتضانه، حضنٌ كان المصدر الأول لشفاء الجروح والتعبير عن المشاعر؛ والحدّ من الإصابة من بعض الأمراض النفسية والعضوية، بات مصدرًا أول للإصابة بوباء! كنّا نمنعه عمدًا، فاُخِذَ منّا قسرًا
أتاهُ هاتفٌ بلقاءٍ بعد غياب، رحّب مهللاً ثم اعتذر وبكى.. لا يملك القدرة على إكرام ضيفه، أغلق بابه دون زوّاره وراح يستقبلهم في الخارج عمدًا، فمُنِع عن ذلك في بيته قسرًا
زمنٌ مضى وأيامٌ توالت، وهلَّ يومُ الاحتفاء بها فمنعت ذراريها وبكت.. أمر الله أقوى من حبّها، كانت تتودد إليهم ويمتنعون عمدًا، فأُغلِق بابها دونهم قسرًا
مصافحةٌ في أصلها امتداد الودّ وتناثر الذنوب كورق الشجر، حُرِمنا من أبسط طرق غفران الذنوب وأحبها، فما سُلْطة لنا على قبلةٍ هائمة في الهواء لا خدّ يتقبلها.
روتين بائس ندعو عليه كل يومٍ بعباراتٍ تخلو من شكر النعم "لو كان الدوام رجلاً لقتلته" والآن نركع رجاءً، وأنّى لذاك الرجل أن يعود فكرامته أغلى من سخط العابثين ناكري الجميل.
قَطْعُ وصلٍ مع من تربطنا بهم لُحْمةٌ وروح لأسباب هوجاء؛ قال ذاك وفعلت تلك، لا سبيل اليوم للقائهم جبرًا، والنفس تتشدق بالألم كلما تقلبت ذات اليمين والشمال يقتلنا شوقنا قسرًا.
أعزبٌ اختار وحدته هاربًا من ضوضاء الأطفال ونَهْرِ زوجةٍ تُحِيلُ أيامه إلى نكدٍ وكدر، يتمناهم الآن وحيدًا راغمًا فلقد أطبقت عليه وحدته الخناق، واتشح أثاثه بالسواد.
وخلف جداره هاربًا منهم واتته الفرصة ليعرف من هؤلاء يطلب ودّهم صاغرًا، حبلٌ طويل تعلقت به سيدة المنزل ترجوه أقصر حتى تنتهي، أتاها زاحفًا لا طاقة له بترتيب الثواني على عقارب الساعات.
أحاديث الرعاع ملأت صفحات الافتراض "هل من الواجب أن تطهو الزوجة!!" بين ممتعضٍ ومتنمر، تراه اليوم يتقلب على جُنُبَاتِ البصل والبطاطا تفوح منه رائحة "الكشنة".
تائهون في دار عِزّةٍ فقدنا بها مراتبها فصرها على الصف متساوون وممن؟
من كائنٍ ضعيف قذر لا يحتمل البقاء حيًا إلا على عصياننا، فتعلمنا أن نغسل كل دقيقة أجسادنا – أما كان الوضوء يفعل!؟ -
أكفُّ التضرع بانجلاء الغُمّة فردية، فلا جماعة تستقبلها، "الصلاة في بيوتكم" لا يشعر بوخزها إلى من داوم على زيارة بيته سبحانه.
عندما يأمر الخالق جلّ في علاه تقف له جميع المخلوقات بالسمع والطاعة إلاّ الإنسان كان جهولاً، يُسلِّط عليك لتعي أنك بعندك تُزْهِقُ روحك وتَضرُّ الآخرين، هذا الكائن لا يجري ولا أقدام له ليعبر جلدك إلا لدقائق، بجهلك تلمس وجهك فتفتح له طريقًا بكل الترحيب والكرم لتكون من قتل نفسه.
عجلة النماء توقفت فجأة، أصبحنا ندور حول ساقية البقاء، غرقنا في النعم وغُصْنا فيها فلم نعد نتنفس الحمد والشكر للبقاء على قيدها، لترى بعد ذلك من يبكي عند كل أذان، ومن لم يستطع أن يعانق طفله مُسْتقبِلاً، ومدنٌ شبه مهجورة بعد أن كانت الحياة ترقص على طرقاتها.
ولله الأمر من قبل ومن بعد..