خلق الله الإنسان بحكمته ، فحكمته أنه جعله يتعامل مع سننه الكونية التي تدل على عظمة الخالق .
ومن السنن الكونية الصحة والمرض ، يتمتع الإنسان بصحته فترة ثم تعقبها فترة يعيش مع المرض ليعلم انه ليس له الأمر إلا الاستسلام لامر الله، لأن الصحة والمرض من عند الله .
والمؤمن هو صاحب القلب السليم ، والنفس المطمئنة بذكر السميع العليم ، فمهما طرأ عليه طارئ يعلم علم اليقين على أن المفرج سبحانه وتعالى .
إن العالم اليوم يعيش كارثة إنسانية تهدد البشرية ، هي الكارثة التي عجزت الدول العظمى مواجهتها لحجمها ، وسرعة انتشارها ، إنه مرض كرونا.
لقد استطاع كرونا أن يحمل إلى العالم رسالة تذكر العالم دوره في التكاتف والتعاون للقضاء على التخلف والرجعية ، وغرس روح المحبة والرحمة في النفوس ، وذلك أن بعض القوى العظمى انغمست في بحار الكبر والغرور فنسيت الصغرى ، فكان الحق أن ببعث الله ما يوقظ النفوس ويحي القلوب للعودة اليه بصدق ويقين .
وتشير الإحصائيات اليوم على أن نسبة الإيمان بالله لقد ارتفعت إلى درجة نستطيع القول من أن المنكرين بوجود الله بدأوا يثبتون على أنه أمر رباني .
ولكن المشكلة عندنا نحن المسلمون ، أومن يحملون رسالة الدعوة ، في هذه المرحلة الحرجة التي ينبغي لكل من كان له قلب أن يرى أن القضية هي عالمية وليست إسلامية ، فتارة يستعملون عبارات السخرية للغرب والتهجم عليهم ، نسي هؤلاء من أن المرض عم الكون جميعًا ،
نسمع اليوم خطباء سوء ، ودعاة فتنة على منابرهم يشتمون أوروبا وأمريكا ، على أن كرونا جند من جنود الله ارسله الله إلى أعداء الله ، وإذا سألناهم فهل نحن المسلمون اليوم أعداء الله ؟ والدول الإسلامية كلها دخلت في دائرة كرونا ، إنها الغباوة والحماقة أمام أدعياء العلم ، والمتطفلين على موائد العلماء ، دون مفاتيح العلم .
إن استعمالهم لقوله تعالى ( ومايعلم جنود ربك إلاهو )استعمال خاطئ جدا ، هذا في حالة المعركة مع غير المسلمين ، واليوم الجميع مصاب ، مسلم وغير مسلم ،فبئس الاستدلال استدلالهم ،
ماذا لو أن أعداء جندالله - كما يزعمون- تمكنوا من صنع علاج يفتك ويقتل فيروس كرونا ، فهل معنى ذلك أن أعداء الله تمكنوا من قتل جندالله والانتصار عليهم!؟
أليس ذلك مناقضا لقوله تعالى ( وإن جندنا لهم الغالبون )؟
كم أتمنى أن تتوقف التفسيرات الدينية الخاطئة للظواهر الكونية ، لأنها تسيء لنا كمسلمين ، وغيرنا يضحك علينا!