النفس البشرية شرفها الله وأوصى بصيانتها ، وجعل الاعتداء عليها من الظلم المبين .
ولقد جاءت الشريعة الإسلامية رحمة للعالمين ، ومن بين الرحمة الإلهية على العالمين ، أنها للحفاظ على الدين والعقل والنفس والعرض والمال ،
إن النفس هي التي اهتم الإسلام بها حتى جعل من أحياها فكأنما احيا الناس جميعًا ، والعكس من اعتدى عليها فقد اعتدى على الناس جميعًا .
ومما يدل على أن الإسلام اعتنى بالنفس لما لها من أهمية في عمارة الكون .
إن المرض في نظر الاسلام امتحان واختبار للعباد ، ليتذكروا نعمة الصحة التي من يتمتع بها عليه أن يشكر الله ، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )ويكثر من الدعاء بأن يديم الله عليه نعمته .
لقد جعل الله لكل مرض دواء ، علمه من علمه ، وجهله من جهله ، وذلك في بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تداووا ياعباد الله فإن الله لم يضع داء الا وضع له دواء ،علمه من علمه وجهله من جهله ).
العالم اليوم يعيش آفة إنسانية تبيد النفوس ، وتزهق الأرواح ، ولم يشهد التاريخ البشري الحديث مثلها أبدا، وهذه الآفة تتمثل في مرض ( كرونا) الذي لم يسلم بلد من شره منذ انطلاق شرارة ناره من الصين إلى العالم .
وهذا الواقع الذي نعيشه يجب العمل بما يؤدي إلى مكافحته للقضاء عليه بشتى الوسائل ، فمن بين الوسائل المؤدية إلى محاربتها وعدم انتشارها الامتناع عن التجمعات بأعداد كبيرة ، حيث الاختناق مما يسبب نقل العدوى من المصاب إلى الصحيح .
ونظرًا لمكانة المملكة العربية السعودية الدينية ، فانها بادرت إلى إيقاف تأشيرة العمرة والسياحة مؤقتا تفاديا من انتشار المرض ، في وقت يلتزم المسلمون الذهاب إلى مكة المكرمة للعمرة والمدينة المنورة للزيارة .
نظرت المملكة إلى الموضوع نظرة دينية وانسانية ، فمن هنالك وقفت المراكز الإسلامية والمساجد في فرنسا متضامنة مع قيادة بلاد الحرمين الشريفين في قرارها ، فتوصل الأمر إلى إغلاق المساجد التي يبلغ عددالمستفيدين للصلاة فيها ألف شخص في صلاة الجمعة ، فكان من بين المراكز ، المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا ، وهذا ليس بأمر جديد بعيد عن الفقه الإسلامي ، وفهم الواقع من الفقه السليم ، وذلك من الناحية الشرعية كما قال الله ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وفي الرأي الطبي(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعملون ).
فالأطباء من خلال جهودهم الرامية يرون عدم الازدحام في القاعات ، كان موقف الفقه الإسلامي (درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ) ومن شروط الجماعة عدم وجود مانع يمنع الحضور كمطر وغيره ،ألا يكون المرض الفتاك (كرونا) مانعًا من الموانع للجماعة ، ومنها صلاة الجمعة ؟
على المسلم أن يعلم أن العبادة القيام بها على الوجه الأكمل أن يكون صاحبها صحيح الجسم ، سليم العقل ، لذا كان الاهتمام بالصحة عنصرا أساسيا في ديننا الحنيف .
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا