قال تعالى : ( حملته أمه وهناً على وهنٍ ) أذكر تماماً مراحل حملي ، و أذكر ذلك الوهن الذي لبث في جسدي حتى أن أرداني منهكة من كل شيء ، عدا من انتظاري لقدوم تلك الصغيرة ، و التي أتت لتكذّب حدس دكتورتي التي قالت لي قبل أن يفصح لها جهاز السونار عن جنس الجنين ( أشعر يا إيمان بأنك حامل بولد ولكن لم يظهر لي شيء ) لمست الدكتورة رغبتي المُلِّحة في معرفة ما إن كان جنيني ذكراً أم أنثى لا سيما ً أنني آنذاك كنت في شهري الخامس ، أرادت أن تفعل كل ما بوسعها
و لم يكن لها سوى التنبؤ و الذي توافق مع توقُعي ، فقد أنتابني شعور منذ أن علمت بحملي بأنني سأنجب ولداً !
و في الحقيقة كان شعوري متنافي مع بغيتي ! فقد تمنيت أن ( أضعها أنثى و أن أعيذها و ذريتها من الشيطان الرجيم ) فكنت أميل كل الميل إلى أن يحمل قراري المكين " بنت " ومضت الأيام حتى أن علمت في إحدى زياراتي للطبيبة بأن الله قد رزقني بـ " بنت "
فتوالت الليالي ليلة فأخرى ، حتى أن أقترب موعد ولادتي ، و في ذات ليلة قصدت فيها سريري لأخلد إلى النوم ، رأيت رؤيا تكررت في ذات الليلة ثلاث مرات ! رأيت مولودة أخبروني بأنها ابنتي ، والمثير أنها كانت ( صورة طبق الأصل ) عن ابنتي التي أنجبتها !
مازلت أذكر حين رأيتها في المرة الأولى ، لم أسيطر على دموعي حيث تذكرت رؤيتي ، كنت أرنو لما حدث معي بشيء من الذهول الذي لم يغادرني إلى هذه اللحظة !
إنني أتسأل أي عمل يا ترى فعلته فكافأني الله برؤيا صالحة ؟ فأنا أشعر بأنني في تلك الليلة كنت أقرب للسماء من الأرض ؟ فالله سبحانه و تعالى حين يخلق الأجنة في الأرحام لا نعلم نحن بصورها حتى تخرج إلى الحياة فهي في علم غيبه حتى أجل مسمى ، و لكن حين رأيت طفلتي قبل أن تأتي إلى الدنيا شعرت بأنه ليس بالأمر العادي ، و هذا ما هزني وجعلني أتأمل المشهد !
هذا ما جعلني أعود للرؤى في الاسلام و التي تنقسم لثلاث أقسام :
رؤيا صادقة / صالحة وهي من الله سبحانه و تعالى و كما قال النبي عليه الصلاة و السلام ( أصدقكم حديثاً أصدقكم رؤيا ) ، و رؤيا من حديث النفس ،
و رؤيا من تخويف الشيطان ..
و في رواية البخاري ، من حديث أبو هُريرة جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الرؤيا الصالحة جزء من ستة و أربعين جزءاً من النبوة ) .
و هنا حسبما أوضحوا العلماء أن النبوة مجازٌ ، ولكن هل هناك أجمل من هذا التعبير ؟ صدق رسولنا الأمين ..
و الآن بعد أن نفضت التعب من روحي ! و بعد أن هززت مهد ( ريمتي ) بيدي فتباركت يميني لأكتب أول مقال بعد أن أنجبتها ! وذلك بعد أن تذكرت نابليون حين قال : ( المرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بيسارها )
فماذا بعد يا ريم ؟ فكيف سيكون العالم في حضرتكِ .. هل سيكون عشقاً في مدارات حنيني أم نصراً لا يأبه لمتاهاتِ السنينِ !
يا ملهمتي الصغيرة .. و يا قطعة من قلبي و يا نور عيوني .. ماذا بعد يا مرآتي التي ستشهد انتصاراتي و نجاحاتي .. ياريم الجنوب و يا ريم الحجاز !
و يا ريم الفيافي و الفلا ....
ياريم أمكِ وأبيكِ و جدتكِ ...
يا رؤيتي التي بشرني الله بها ، و يا لؤلؤتي التي لمعت في جيدي و يدي ، و في قلبي و قلمي ...
و ياقصيدتي الجزلى التي تهفو إليها منابري و التي تتهافت عليها مشاعري !
أسأل الله أن يجعلكِ مباركة أينما كنتِ و أن ينبتك نباتاً حسناً .... حفظك الله ياصغيرتي