المملكة العربية السعودية قبلتنا جميعًا ومأوى أفئدتنا، مكانتها مرموقة على ممر الأيام والأزمان .
اختار الله للملكة قائدا صالحا مصلحا جمع الناس تحت راية العدل والأخوة الصادقة النابعة من ينابيع الكتاب والسنة ، إنه الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - من بقي ذكره وحياته في سجل الأوفياء لدينهم ووطنهم .
لقد أرسى الملك عبد العزيز قواعد الحكم على نهج الشريعة الإسلامية ، فكانت قضية الإسلام شغله الشاغل ، لم لا ؟وهو حامي بلاد الحرمين الشريفين ، مهبط الوحي ومنبع الرسالة .
إن أعظم قضية إسلامية في عهدنا هذا هي القضية الفلسطينية ، والكل يعلم أن فلسطين والمملكة العربية السعودية تربطهما عروة المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال المسجد الحرام بمكة المكرمة ، والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة ، والمسجد الأقصى ببيت المقدس ، والذي تحت الاحتلال الاسرائيلي ، منذ ١٩٤٨م إلى يومنا هذا .
من يتابع الشأن الفلسطيني اليوم يسمع أصوات قوم قلوبهم قاسية ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، بلغهم الحقد والعداوة إلى رمي الملكة العربية السعودية بسهام الكذب والزور على أنها لم تقف يومًا لنصرة الشعب الفلسطيني ، بل وقفت مع العدو .
أطراف كثيرة تخفي الحقائق عن المملكة ، أو تتجاهل عن الواقع وتريد المخالفة كتركيا وإيران ومن مشى نحوهما من المنظمات الإرهابية المتطرفة التي تسعى لإثارة الفتن والحروب فيما بين المسلمين .
هذه المنظمات تتاجر بالقضية الفلسطينية اليوم كحماس والإخوان تحت ظل المراوغة لكسب الأموال .
ولكن الأمر المدهش أن الفلسطينيين إلى الآن نسوا موقف المملكة العربية السعودية في دعمهم والوقوف معهم منذ بداية القضية الفلسطينية إلى يومنا هذا ، والشواهد توكد لنا ذلك .
ففي مجلة آخر ساعة المصرية ٢٠ مايو ١٩٧٣م أمريكا فشلت في شراء الملك عبدالعزيز بعشرين مليون جنيه طبعا لسكوت الملك عبد العزيز عن قيام الكيان الصهيوني فرفض، وفي نفس الصحيفة يقترح الملك عبد العزيز بإعادتهم إلى بلدانهم التي أتوا منها إلى فلسطين .
واشد رفض للملك عبد العزيز - رحمه الله - لقيام الكيان الصهيوني لما طلب منه بإسكان بعض اليهود في منطقة الحجاز فما كان منه الا وقام بالرفض وفاءًا لدينه وحبا للجارة وهي فلسطين الحبيبة .
موقف عظيم من ملك عظيم ، كان همه الوحيد إخلاص العمل لله وابتغاء مرضاته ، فلم يلهه الأمل ، بأن يختار المال مقابل بيع فلسطين ، فكيف لانحكم بين الناس بالعدل ؟ .
إن أولاد الملك عبد العزيز من بعده استغلوا نفوذهم السياسية لنصرة الشعب الفلسطيني من الملك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله ثم اليوم الى سلمان الخير كلهم في خدمة القضية الفلسطينية مادية ومعنوية .
ففي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - تحقق طالب تقدم به الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ريغان تمويل السعودية قواتها في مواجهة قوات نيكرغوا وكوبا الشيوعية بعد ما رفضت الكونغرس الأمريكي تمويلها فوافقت السعودية التمويل للقوات الامريكية شريطة الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية انها منظمة شرعية للفلسطينيين بعدما كانت امريكا تصفها بالإرهابية ، وهذا ماجعل ياسر عرفات يرقص فرحا بعد ابلاغه بالخبر قائلا ( تحررت فلسطين ).
وبعد غزو العراق للكويت ١٩٩٠م وقف عرفات الى جانب العراق مؤيدًا لها ، وعارض الموقف السعودي لنصرة الكويت ، مع ان الفلسطينيين استقبلتهم السعودية بإيوائهم واعطائهم العمل في القطاع العام بعد تعطل السعودي عن العمل ، ولكن الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بحسن خلقه وصفاء قلبه بعد تحرير الكويت عفى عن ياسر عرفات ، إنه موقف العظماء الذين يحبون القضية ويدافعون عنها ،
وفي عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - قام بمبادرة السلام ٢٠٠٢ م بالمبادرة العربية للسلام لأجل فلسطين ، إضافة إلى دعوته للفصائل الفلسطينية إلى التصالح في مكة المكرمة ٢٠٠٧م أمام الكعبة المشرفة .
ثم يأتي رائد التضامن الإسلامي اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله بدعم الفلسطينيين ماديا ومعنويا ، وأكبر عمل قام به الملك سلمان بن عبدالعزيز تدخله مباشرة ٢٠١٧م بفتح أبواب المسجد الأقصى للمسلمين بعد الإغلاق .
والملك سلمان من الذين كانوا في قافلة الدفاع عن الأقصى في ١٩٥٦م واليوم همه الوحيد تحرير القدس لتكون القدس عربية إسلامية عاصمة لفلسطين .
وبعد صفقة القرن استطاع اردوغان التعاطف مع الفلسطينيين والتلاعب بعقولهم على انه زعيم القضية الفلسطينية ، فصار الكثير من الفلسطينيين يحسبونه هو محرر القدس ناسين موقف السعودية نحو القضية الفلسطينية من بدايتها إلى اليوم ، والأكبر من ذلك ان السعودية لم تشارك في الصفقة ولا تعترف بالكيان الصهيوني .
وفي مجال الاستشهاد لأجل فلسطين ابناء المملكة العربية السعودية كانوا في المقدمة ، ففي رسالة ماجستير لعائشة علي المسند ١٩٨٥م أتت بقائمة طويلة لاسماء الشهداء السعوديين المتطوعين أيام الملك عبد العزيز ١٩٤٨م مايدل على أن السعودية دعمت فلسطين ماديا بالأرواح والأموال ، ومعنويا بالكلمة الطيبة الصادقة في المحافل الدولية على أن الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير ير مصيره وإعلان دولته المستقلة على تراب وطنه والقدس عاصمة لدولة فلسطين .
ينبغي للفلسطينيين أن يعلموا أن المنظمات الإرهابية التي تدعي انها لنصرة فلسطين معظمها دعتها المملكة أمام الكعبة لتقول كلمة الحق إلا أن كلا منها لها مآرب أخرى فباعت القضية بخلافاتها ، واليوم تلقي اللوم على الحرمين الشريفين اللذين قاما بإيوائهم وإطعامهم من جوع وتأمينهم من خوف .
هكذا الشواهد والدلائل تثبت موقف السعودية لترد على المبغضين الحاقدين الحاسدين الذين قست قلوبهم ، وأعمى الله أبصارهم ، فزادهم مرضًا .
ستبقى السعودية رائدة التضامن الإسلامي لنصرة فلسطين تحت ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله .
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا